مشاري الذايدي

المذيع في الفضائية يتحدث عن جماعة إرهابية - صفة الإرهابية ليست من المذيع - اسمها «العقاب» تطلق تهديدا لجميع البعثات الغربية في مصر والشركات وتطلب منها مغادرة مصر. فيجيب الضيف، وهو رمز من رموز جماعة الإخوان المسلمين المصرية، بأنه لا علاقة لـ«الإخوان» بهذه الجماعة، ويضيف: لكن من الطبيعي أن تظهر مثل هذه الجماعات في واقع الفوضى والاستبداد والإقصاء (يقصد إقصاء الإخوان) من السلطة. مقاربة كهذه هي التي يجب منازلتها وإعلان الحرب عليها، ليس فقط محاربة القتلة والمفخخين في سيناء وكل مصر.


إنها دائرة متصلة بعضها ببعض، غرضها تهيئة البيئة لقبول شروط الإخوان تحت تهديد السلاح. من يشك أن مصر تحارب جماعة الإخوان فهو «طيب» في أحسن تقدير. كلنا نتذكر كلام محمد البلتاجي، القيادي الإخواني من ميدان رابعة في أن الإرهاب في جزيرة سيناء لن يتوقف إلا إذا تم تلبية طلبات الإخوان.


هناك حملة ترويع وترهيب للمصريين، ومعاقبة عشوائية لهم من خلال العبوات المزروعة في كل مكان، وهناك من يبرر، محاولا إلقاء اللوم كله على الدولة المصرية لأنها لم تخضع لابتزاز الإخوان، خاصة بعدما بان الصبح لكل ذي عينين، في عهد مرسي وحكم مكتب الإرشاد، في أن تلاميذ سيد قطب يريدون جعل مصر منطلقا لدولة الخلافة العابرة للأوطان. منذ إزالة الإخوان من الحكم بفعل هبة مصرية شاهدها العالم كله، وعبرت عنها الصناديق المراقبة، وهناك حالة انتقام إرهابية بسيناء، من خلال الأنفاق التي بين غزة وشبه الجزيرة، في الدرجة الأولى.


آخر الهجمات الإرهابية على سيناء كانت مساء الخميس 29 يناير (كانون الثاني) الماضي على «الكتيبة 101» ومواقع أخرى، بسيارات مفخخة، وقذائف هاون مخلفة عشرات القتلى والجرحى. الهجوم المحبوك بقدرات غير مصرية، الذي استغل انشغال الجنود بمشاهدة مباراة كرة القدم الشهيرة بين ناديي الأهلي والزمالك، أحدث غضبا مصريا عارما، الأول منه ضد الإخوان والجماعات الإرهابية والثاني ضد السلطة التي عجزت عن كسر شوكتهم.


لذا هب الرئيس عبد الفتاح السيسي لسيناء، وجمع الجيش والأمن وقرر إنشاء قيادة جديدة لسيناء، وذكّر المصريين بأنه سبق أن أخبرهم أن المعركة مع الإرهاب والإخوان ستطول، كما ذكّرهم بما سبق أن حكاه لهم عن قيادي إخواني مؤثر أتى إليه حين انحاز الجيش لرغبة المصريين ضد الإخوان، وهدده بتدفق المقاتلين من أفغانستان وباكستان وليبيا وفلسطين في حال أقدم الجيش على التدخل. كان ذلك التهديد في يونيو (حزيران) عام 2013.


«إحنا مش هنسيب سيناء لحد ما تبقى بتاعة المصريين أو نموت»، هكذا أعلن الرئيس المصري من أرض سيناء، معلنا أن المعركة لا تخص مصر وحدها بل المنطقة كلها، ففي نظر الإخوان، الكل فاقد للشرعية «الأستاذية» التي أخبر عنها حسن البنا ذات يوم، ومن يتوهم لوهلة أنه يمكن استئناس الإخوان، فهو الذي سيلدغ بدل المرة والمرتين، مرات. هذه معركة الأمن والاستقرار للجميع.