حسن الحارثي

لا يمكن أن تكون الاستراتيجيات التي يعمل بها تنظيم "داعش" على شبكة الإنترنت جهودا فردية أو مجرد محاولات لاستخدام هذه التقنية لصالحه، لأن العمل الذي يقوم به التنظيم يتعدى حدود ملاحقة هذه العوالم والاستفادة منها إلى الاحترافية في التعامل مع الشبكة، وتصوير أفلام الفيديو في سبيل الترويج للعمل الجهادي، بحسب زعمهم، وجذب الراغبين في الانضمام إليه.


ولعل التأويلات التي ذهبت في اتجاه أن تكون هناك أيد استخباراتية في العمل الداعشي، أصبحت نوعا ما مقبولة، خصوصا إذا علمنا أن التنظيم يرفع يوميا ٣٠٠ ساعة تصوير على "يوتيوب"، ويؤكد مسؤولون في "جوجل" أن هناك أكثر من ٧٢٠ موقعا إرهابيا على الإنترنت يستهدف العرب تحديدا.


وتقوم "جوجل" التي تملك "يوتيوب" بجهودها لمحاصرة هذه المواقع والحد من انتشارها، فقامت مؤخرا بتوظيف عدد كبير من الناطقين باللغة العربية لترجمة الخطاب الداعشي، وأعلنت مؤخرا أنها أوقفت خاصية الإكمال التلقائي لبعض الجمل والأسئلة التي يبثها التنظيم على مواقعه، ومن بينها سؤال: كيف يمكنني أن أنضم إلى "داعش"؟ وأسئلة أخرى تسهل الوصول إلى هذه المواقع.


لكن "جوجل" وشركات الإنترنت الأخرى ما زالت تواجه صعوبات في التعاطي مع المد الداعشي على الشبكة، فالتنظيم الإرهابي يملك حاليا ١٠ آلاف حساب نشط على "تويتر" و١٠٠ قناة على "يوتيوب" وفي كل يوم تزيد هذه الأرقام بشكل مخيف، ويوما بعد يوم يفاجئنا الدواعش باستخدام تقنيات عالية الجودة في تصوير أفلامهم وإخراجها بطرق محترفة.


إذا سلمنا تماما بنظرية المؤامرة وأنه فعلا هناك عمل استخباراتي دولي يسير "داعش" أو يخدمها؛ فعلينا أن نوسع الدائرة بما قد يجعل "جوجل" وشركات الإنترنت متورطة في هذا العمل بشكل أو بآخر، أو أنها على أقل تقدير مستفيدة من وجود هذا الكم من المستخدمين وما يبثونه من وسائط جاذبة ومثيرة، وبإمكان "جوجل" أن تتعاون مع اللجان الدولية لمكافحة الإرهاب وتحديد مواقع المستخدمين الدواعش وإمداد الحكومات بالمعلومات التي من شأنها السيطرة على الإرهاب وضرب الدواعش في أوكارهم.
&