&لم يكن مفاجئاً الاعلان امس عن وفاة رئيس شعبة الامن السياسي المُقال في سورية اللواء رستم غزالة، الذي كان ميتاً سريرياً منذ أكثر من شهرين في إحدى مستشفيات دمشق، بعدما كان تعرض لـ «اعتداء غامض» على يد رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية اللواء رفيق شحاده وجماعته.

ورغم الروايات المتناقضة عن دوافع «تصفية» غزالة كواحد من رموز «القبضة الحديدية» لنظام الرئيس بشار الاسد، سواء خلال «تحكُّمه» بلبنان إبان عهد الوصاية او في عمليات القمع للثورة السورية، فانه مع موت غزالة يُدفن «الصندوق الاسود» للحقبة السورية في لبنان، التي توالى عليها اللواء غازي كنعان الذي انتحر في الـ2005، والعميد جامع جامع الذي قُتل هو الآخر في العام 2013.

ولم تكن مصادفة مع تساقُط أوراق النظام السوري «ذات الصلة» بلبنان، المعلومات التي كان وزير العدل اللبناني اللواء اشرف ريفي كشف عنها في وقت سابق، ومفادها بوجود خطة لتصفية الوزير السابق (مستشار الأسد) ميشال سماحة خلال نقله من السجن الى المحكمة العسكرية التي اعترف امامها قبل ايام بنقله متفجرات من مكتب اللواء السوري علي مملوك الى بيروت في اطار مخطط فتْنوي في شمال لبنان.

وربّما شكّلت إشارة ريفي في حينه الى ان خطة التخلص من سماحة هدفها إما منع مثوله امام المحكمة الدولية في جريمة اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري وإما أمام المحكمة الجنائية الدولية، الإجابة على السؤال المرتبط بـ «سرّ» عملية التخلص من غزالة، والتي قيل عن ظروفها وملابساتها ودوافعها الكثير في وسائل الاعلام العربية والأجنبية بوصفها حدَثاً غير معزول عن مأزق نظام الاسد الذي بدأ «يأكل» رموزه في الأعوام الأخيرة.

ولم يكن عادياً خبر موت غزالة في بيروت. ففي اللحظة التي كانت الشهادات في المحكمة الدولية في لاهاي «تصدح» بالحكايا عن الدور الذي مارسه الجنرال السوري كـ «عصا غليظة» للأسد ضد مسؤولين لبنانيين كبار وفي مقدمهم رفيق الحريري، كان غزالة يصارع الموت في مستشفى الشامي بعدما أخذ بالاحتضار ولم يعد يقوى حتى على الكلام نتيجة الاعتداء عليه من اللواء شحاده وجماعته، وسط روايات عن «تكسيره» وعن حقنه بالسمّ وما شابه.

وكانت «الراي» نشرت في 15 مارس الماضي تقريراً خاصاً عن ملابسات الحادثة التي تعرض لها «ابو عبدو» (غزالة) وفيها ان جماعة غزالة في مناطق درعا أمعنت في أعمال التهريب والسرقة والاتجار بالممنوعات، الأمر الذي دفع اللواء شحاده الى توقيف بعضهم بعدما «طفح الكيل»، إلا أن غزالة سارع للاتصال بشحاده وكال له الشتائم والسباب والإهانات قبل أن يتوعده بانه آتٍ إليه ومعه حزام ناسف، ثم قصده غير ان حرس رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية صمموا على تفتيش غزالة حين وصل فما ما كان من الأخير الا ان صفع أحدهم على وجهه، فهاجمه الحراس الآخرون وصادروا سلاحه وقاموا بضربه بقسوة و«تكسيره» الى الحد الذي اصابه بـ «عطل دائم قبل ان يدفعوه الى داخل مكتب شحاده الذي قام بلكْم غزالة المدمى بقبضة يده على فمه وكسر له بعض أسنانه.

وبحسب الرواية فان هذه النهاية لرستم غزالة تمت بـ»ضوء أخضر»من كبار في النظام راجعهم شحاده، وان غزالة غالباً ما كان يصاب بالتوتر كلما جرى الحديث عن المحكمة الدولية في اغتيال الحريري لاعتقاده ان الأسد يمكن ان يضحي به عبر تسليمه الى العدالة الدولية.

الا ان رواية أخرى تحدثت عنها»الراي»في التقرير نفسه اشارت الى ان القرار بـ»شطب»غزالة من النظام السوري، يستند الى ظروف تتصل بالصراع داخل»بيت النظام»على الادوار والغنائم في ظل تفسخ ذات طبيعة طائفية علوية - سنية تزداد مظاهرها مع تعاظم النفوذ الايراني في سورية.

وفي هذه الرواية نسب الى غزالة قوله»تسقط القرداحة» (مسقط الاسد) ولا تسقط قرفا (بلدته)، وانه كان يتعقب حركة قائد لواء القدس في الحرس الثوري الايراني الجنرال قاسم سليماني في سورية، في اشارة توحي الى امتعاض من ظهور سليماني وكأنه صاحب الامر في سورية.

&