أيمـن الـحـمـاد


محور الشر مصطلح كان شرارة لإطلاق الحملة الأميركية للحرب على الإرهاب، يومها استل المحافظون الجدد أسلحتهم ضد دول إيران وكوريا الشمالية وليبيا وسورية والعراق وكوبا، واليوم، ومع تتابع الأحداث، هل تداعى هذا المحور وهل انتفت صفة الشر عنه؟

كل تلك الأنظمة التي وصفتها إدارة بوش بالشريرة سقطت أو تغيّرت أو أنها تترنح، حدث ذلك في غضون عقد من الزمن، هل أكملت الإدارة الأميركية الحالية عمل الإدارة السابقة، وجاء الربيع العربي كعامل دعم لواشنطن ليُجهز على ما تبقى من هذه الأنظمة التي كانت تقف على أرضٍ رخوة وتسندها شرعية هشّة؟

الحقيقة أن هدف الإدارتين الأميركيتين السابقتين الظاهر هو القضاء على مصدر الخطر بأي وسيلة، لكن فلسفة الإدارتين تختلف من حيث الجدوى والفعل، والاختلاف واضح، فبوش الابن نزع نحو التغيير بقوة السلاح وفرض العقوبات، أما أوباما فوضع السلاح جانباً، ومارس مهارة التحدث كشخص يجيد مهنة الكلام فهو محامٍ وأستاذ قانونٍ سابق في جامعة «ييل» العريقة.

فكان هناك حديث هاتفي مع الرئيس الإيراني حسن روحاني في نيويورك، وكانت هناك مصافحة مع راؤول كاسترو في بنما، ولم يكن أمام أنظمة القذافي والأسد وصدام فرصة إلا أن يواجهوا مصيرهم المحتوم، بعد أن فتكوا بشعوبهم، بل إن نظام الأسد مازال يحظى بالفرصة، ألم يدعُ جون كيري وزير الخارجية الأميركي هذا النظام المجرم إلى الحوار؟!

لكن على الرغم من الانفتاح الذي تقوده الإدارة الأميركية على أنظمة محور الشر بلا استثناء رغبة في جعلها محور خير، إلا أن ذلك لم يفلح، بل إنها أصبحت أكثر شراً.. إن تقييماً بسيطاً يجعلنا على يقين أن الرؤية التي انتهجتها الإدارتان غامضة وغير مفهومة، وساهمت في تفريخ جماعات إرهابية أكثر شراسة وبربرية من تلك الأنظمة التي كانت تمارس ديكتاتورية ووحشية منظمة - إن صح التعبير - وعلاوة على ذلك دفع الانفتاح الدول الحليفة لواشنطن إلى اعتبار أن السياسية الأميركية أضرّتها، بل تعدّى أن منحت أميركا تلك الأنظمة الشريرة حضوراً لا تستحقه، وبفضل سياسات إدارة أوباما غير المفهومة أصبحت إيران على مقربة من إمضاء اتفاقٍ نووي، وغدت تعربد في دول عربية بشكل مستفز، وجُل ما يفعله البيت الأبيض هو أن يصافحها باليمين ويؤنّبها باليسار.

إن معطيات مفهوم محور الشر مازالت باقية في تلك الدول، وإن حاولت الإدارة الأميركية إصلاح تلك الأنظمة أو حثّها على إصلاح نفسها، فإن واقع الأمر يقول إن الإرهاب مازال في سورية وليبيا والعراق وإيران وكوريا الشمالية، بل إن نظام طهران أصبح على مقربة من أن يجمع صفتي الإرهاب وسلاح الدمار الشامل.
&