&حمود أبو طالب

وما زالت الرياض تضع بصماتها على المستجدات والمتغيرات وصناعة القرار من خلال برنامج لم يتوقف منذ أول يوم لسلمان بن عبدالعزيز. يوم الثلاثاء الماضي كان يوما مهما في مسيرة مجلس التعاون الخليجي كوحدة وكيان، وعلاقة المملكة ومعها المجلس بواحدة من الدول الكبرى والعريقة في السياسة العالمية، والتي استثمر الملك سلمان مكانته الكبيرة والخاصة لديها لصناعة لمحة جديدة في العمل السياسي، فكلنا نعرف علاقته الوطيدة بالذين تعاقبوا على قصر الأليزيه منذ ثمانينات القرن الماضي، وكيف يعامل بروتوكوليا كزعيم دولة منذ ذلك الوقت، وها هي علاقات السنين وتراكم الخبرة تضع بصمتها على الحاضر عندما تزداد الثقة ويزيد الاحترام ليكون الرئيس فرنسوا هولاند ضيفا على قمة خليجية استثنائية في وقت بالغ الحساسية.
وقبل أي شيء، فقد غطت القمة الخليجية كل القضايا الساخنة والمزمنة ولم تتوقف عند واحدة منها فحسب، ثم إنه من المبهج لكل خليجي وعربي أن يرى هذا التناغم والاتفاق في وجهات النظر بين كل الدول الخليجية، بغض النظر عن بعض التفاصيل الصغيرة التي يستمرئ البعض تضخيمها أكبر من حجمها. القمة قالت بوضوح إنه لا خلاف أبدا في المواقف، وأن الظروف تستدعي الالتقاء عند القضايا المصيرية، ولا مجال أو فسحة لشق الصف الموحد.


كلمة الملك سلمان كانت ضافية وواضحة بخصوص كل ما يقلق العرب ويشغل الخليج، ورؤية التعاطي مع تلك القضايا كانت أكثر وضوحا وتحديدا، ابتداء بفلسطين، وانتهاء باليمن، ومرورا بكل المحطات الملتهبة على الساحة العربية.
أكثر من رسالة يمكن أن تحملها هذه القمة، خصوصا عندما تسبق الاجتماع المرتقب للقادة الخليجيين مع الرئيس أوباما في الثالث عشر من الشهر الجاري، إذ إنها تعطي الإدارة الأمريكية رسالة واضحة أنهم قادمون بموقف موحد، وأنهم قوة مؤثرة تستطيع إعادة التوازنات وصياغة المواقف وتجيد تمثيل نفسها وضمان أمنها ومصالحها، ولا يمكن أن ترضخ لسياسة فرض الأمر الواقع عليها؛ لأنها ما زالت لها كلمة قوية، وتستطيع ضمان مستقبلها بالطريقة التي تراها مناسبة في حال لم يفهمها طرف أو أطراف كما يجب.
كانت قمة استثنائية بكل المعايير، تؤكد أنه لن يتحقق لنا شيء مفيد إلا بالثقة بالنفس والحزم والعزم..