شملان يوسف العيسى

أرست قمة «كامب ديفيد» هيكلية جديدة لتعاون دفاعي غير مسبوق بين دول مجلس التعاون الخليجي والولايات المتحدة، حيث أكد المتحدث للبيت الأبيض أنهم منفتحون على مناقشة منح الشركاء الخليجيين، وضع حليف رئيسي من خارج حلف الأطلسي ويتعهد الأميركان بالعمل المشترك لكبح تهديد إيران الإقليمي وتدخلها بالشأن الداخلي. السؤال الذي علينا طرحه بعد القمة، هو: هل بلورت دول الخليج العربية سياسة جديدة موحدة تجاه إيران؟ بمعنى هل نملك رؤية موحدة في حالة توتر العلاقة بين الولايات المتحدة وإيران حول التسلح النووي؟ دول الخليج جرت العادة بأن الخوف يدب في هذه الدول إذا ساءت العلاقة بين الطرفين. لأن إيران تنظر لدول الخليج بأنها حليفة للولايات المتحدة. لذلك سنكون المتضرر الأكبر من أي صراع جدي بين طهران وواشنطن، ومن المفارقات الغريبة هو أن الولايات المتحدة عندما تتقرب أكثر من طهران سنكون قلقين أكثر. لأن لدينا شك وريبة من سياسة الولايات المتحدة، لأن لدينا تصور بأن أي تقارب بين الدولتين سيكون على حسابنا.

لقد أكدت دول التعاون بأن لدينا مصالح مشتركة مع إيران وطبيعة هذه العلاقة تاريخية وثقافية واقتصادية وسياسية قديمة، لذلك تحرص دول المجلس على إقامة علاقات جيدة مع طهران، ولقد أكد أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني بعد انتهاء القمة أن جميع دول المجلس ترحب بالاتفاق النووي بين إيران ومجموعة 5+1، وتمنى أن يكون هذا الاتفاق عاملاً أساسياً للاستقرار في المنطقة.

&


نحن واقعياً وعملياً نرتبط باتفاقيات عسكرية مع الولايات المتحدة.. لكن ذلك لم يمنع من بروز خلافات جوهرية بين واشنطن والخليج حول العديد من القضايا العربية منها على سبيل المثال الموقف الأميركي من القضية الفلسطينية، حيث وعدت الولايات المتحدة بدعم السلام في المنطقة بقبول قيام دولتي إسرائيل وفلسطين لكن السياسة الأميركية بدأت تتراجع عن مواقفها السابقة بدعم القضية الفلسطينية وإحلال السلام في المنطقة. دول الخليج متخوفة من السكوت الأميركي على التوسع الإيراني في كل من العراق وسوريا ولبنان واليمن وغزة. علماً بأن الولايات المتحدة تعلم تماماً ما مدى الدعم والتغلغل الإيراني في العراق. دول الخليج دخلت في تحالف مع الولايات المتحدة لمحاربة الإرهاب في المنطقة خصوصاً محاربة «داعش».. لكن الولايات المتحدة نجدها تغض النظر وتلازم الصمت تجاه تدخل «حزب الله» اللبناني المدعم من إيران في كل من سوريا والعراق وربما اليمن.

إقامة علاقات أمنية وثيقة مع واشنطن يجب ألا يمنعنا من الاستمرار في سياسة التوازن في إقامة علاقات وثيقة مع الجميع، خصوصاً الدول الكبرى فرنسا مثلاً تحرص على إقامة علاقات وثيقة مع العرب وموقف باريس مشرف في دعمها لقضايا العرب.

وأخيراً مطلوب من دول المجلس بعد الضمانات الأمنية الأميركية التركيز على قضايا التنمية الحقيقية في بناء دول مدنية حديثة عمادها المشاركة السياسية وتعزيز مفهوم المواطنة ودولة القانون، فالتركيز على تحديث دولنا ومجتمعاتنا، هو الأمن الحقيقي لبقاء استقرار أوطاننا.
&