&

&جاسر عبدالعزيز الجاسر

&
أنهى اليمنيون مؤتمر إعادة تأسيس اليمن الجديد على أُسس واضحة لا لَبس فيها، فقد أصدرَ مؤتمر «من أجل إنقاذ اليمن وبناء الدولة الاتحادية» وثيقة الرياض التي ضمّت خلاصة ما بحثه المؤتمرون، بإقرار المبادئ الأساسية التي تتضمن الالتزام بالشرعية الدستورية وإقامة الدولة المدنية الاتحادية، وحل قضية الجنوب وطَرْد الحوثيين من صنعاء وعدن وتعز وباقي المحافظات، وتطهير محافظة صعدة من هيمنة مكوّن معين، وإعادتها إلى ما كانت عليه قبل عام 2004 عندما أخذ الحوثيون يفرضون سيطرتهم بقوة السلاح.

وثيقة الرياض التي ستكون عنوان المرحلة القادمة في اليمن، عكفَ عليها أربعمائة شخصية يمنية ضمّت خبرات متنوعة من قيادة أحزاب وسياسيين مخضرمين وشيوخ قبائل وشخصيات اعتبارية وأكاديمية، ولهذا بالإضافة إلى تضمينها محددات وركائز أساسية تقوي بناء الدولة الحديثة، فقد أكدت بنود الوثيقة على الالتزام بمبدأ الشراكة، ومحاسبة القيادات الانقلابية، وبناء المؤسسة العسكرية والأمنية على أن يمثّل في هذه المؤسسات جميع أبناء اليمن دون هيمنة مناطقية ومذهبية، كما كان في عهد الرئيس المعزول علي عبد الله صالح بحيث يكون في بدايات التأسيس وإعادة التأهيل للقوات العسكرية والأمنية بواقع 50 بالمئة للجنوب، ومثلها للشمال على مستوى المراتب القيادية، وإتاحة الفرصة لانضمام عناصر من الجنوب، ومن المحافظات الشرقية والغربية.

وثيقة الرياض اعتمدت على البنود الأساسية التي تضمَّنها اتفاق السلم والشراكة، ولهذا فإن اليمن سيكون دولة مدنية اتحادية فدرالية مكونة من أقاليم تُمارس حكماً توافقياً بالتفاهم مع المركز الذي سيكون مقره صنعاء التي ستكون مع عدن ذات وضع خاص بكل منهما.. وتكوين اليمن كدولة اتحادية فدرالية من أقاليم متجانسة يُنهي إشكالية الهيمنة المناطقية التي كانت سائدة في عهد الرئيس المعزول، حيث كان أهل الجنوب يشتكون من هيمنة وتسلط أهل الشمال الذي يحكمه ضباط عسكريون وسياسيون من المكون الزيدي، وهو ما أثار ضغينة محافظات الجنوب والغرب والشرق، وحتى محافظتي إب وتعز القريبتين من الشمال، وهو ما حرَّك النزعات الانفصالية في الجنوب، وظهر الحراك الجنوبي الذي أصبح يمثّل قوة سياسية مهمة.

مؤتمر إنقاذ اليمن وبناء الدولة الاتحادية الذي توَّج أعماله بإصدار وثيقة الرياض، أعلن عن اجتماعات أو مؤتمر لمتابعة تنفيذ ما جاء في الوثيقة، خصوصاً أن هناك رصداً لمحاولات عرقلة تنفيذ ما حملته من قرارات - إن وجدت طريقها للتنفيذ - أنقذت اليمن، ولكن من لا يريدون الخير للمنطقة واليمن لن يستسلموا ويوقفوا تآمرهم وعرقلتهم للجهود المبذولة لإفشال مخططاتهم، كما لاحظ المتابعون تراخياً ولا نقول تواطؤاً في تنفيذ ما يُتخذ دولياً في الشأن اليمني من قِبل منظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدوليين، إذ لم يُطبق أيٌ من قرارات الأمم المتحدة، وبالذات العقوبات التي فُرضت على عدد ممن عملوا على تأجيج القتال في اليمن، كما لم يجر الاهتمام بتنفيذ بنود القرار الأممي 2216 الذي صدر تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة الذي يفرض التدخل العسكري لمن يعرقل تنفيذ بنود القرار الذي انتهك مراراً من قِبل الانقلابيين الحوثيين، وأنصار المعزول علي عبد الله صالح والذين واصلوا تمردهم على الشرعية الدولية، بعد تعاونهم وخرقهم للهدنة الإنسانية التي طالبت بها الأمم المتحدة.

تراخي الأمم المتحدة والمطالبة بعقد مؤتمر في جنيف يُثير شكوكاً بجدية الأمم المتحدة وممثلها الجديد عن صدق عمل وتحركات الأمم المتحدة لإعادة اليمن إلى وضعه الطبيعي.
&