الحكومة العراقية تبحث عن بدائل للسلاح الأمريكي وتساؤلات عن سر تكرار لغز الموصل في الرمادي

&&يشهد العراق هذه الأيام العديد من الفعاليات والتطورات في الجوانب السياسية والأمنية والإنسانية.
فقد حظيت زيارة رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي إلى روسيا باهتمام محلي ودولي كونها جاءت في أعقاب سقوط مدينة الرمادي مركز الأنبار بيد تنظيم «الدولة» في تكرار لسيناريو سقوط الموصل. وقد أعلنت الحكومة الروسية استعدادها لتقديم مساعدات عسكرية للعراق وتوسيع هذه المساعدات في مواجهة تنظيم الدولة، وفيما بينت ان العلاقات الثنائية بين البلدين تتطور بشكل ناجح، عدت العراق «شريكا قديما وموثوقا به» فيما أكد رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي ان الجانب العراقي يسعى لتطوير العلاقات في كل المجالات مع الجانب الروسي وأبرزها الاقتصادية والعسكرية. كما أكد أن دخولَ تنظيم الدولة الإرهابي إلى مدينة الرمادي مؤقت ومحدود.
ويعتبر المراقبون ان الهدف الأول لزيارة العبادي هو الحصول على الأسلحة الروسية ( وبالدفع الآجل) كبديل عن الأسلحة الأمريكية التي تتم وفق حسابات وشروط أمريكية تراعي خلق التوازن بين نفوذها ونفوذ إيران في العراق، كما تزامنت الزيارة مع إعلان إيران استعدادها لتزويد الحكومة العراقية بالمساعدات والدعم إذا طلبتها، لايصال رسالة بوجود البدائل للسلاح الأمريكي، إضافة إلى الإيحاء بوجود التحالف غير المعلن بين روسيا من جانب وإيران والعراق وسوريا من جانب آخر في مواجهة الحلف الغربي العربي في المنطقة.


وأمنيا، تواصلت تداعيات سيطرة التنظيم على الرمادي التي أثارت تساؤلات عن مدى جدية سياسة الحكومة والتحالف الدولي في مواجهته. كما وجهت القوى السياسية والعشائر السنية اتهامات إلى الحكومة في التقصير سواء في عدم ثبات قواتها في الدفاع وحماية الرمادي وانسحابها تاركة كميات كبيرة من الأسلحة والعتاد لتنظيم «الدولة» الذي حرص على اظهارها عبر وسائل الإعلام، مع تساؤلات لأهل الأنبار عن سر ترك القوات المسلحة اسلحتها لتنظيم الدولة عند انسحابها وعدم تسليمها للعشائر في الأنبار لتمكينها من حماية مناطقها رغم تكرار المطالبات بذلك.


وأثارت العملية من جديد تساؤلات عن لغز انسحاب القوات الحكومية العراقية أمام هجوم التنظيم دون مبرر، حسبما أشار الجنرال مارتن ديمبسي رئيس هيئة الأركان العامة للجيش الأمريكي، من «إن قوات الجيش العراقي التي كانت متواجدة في مدينة الرمادي كبرى مدن محافظة الأنبار اختارت الانسحاب من المدينة ولم يجبرها على ذلك تنظيم الدولة الإرهابي» ليثير ذلك أسئلة عن سر تكرار سيناريو الموصل في الرمادي وهل سيتكرر ذلك السيناريو في مناطق أخرى مثل بغداد؟
وتم الإعلان هذا الأسبوع عن بدء وصول قوات الحشد الشعبي إلى الأنبار بناء على أوامر العبادي للمشاركة في المعارك ضد تنظيم «الدولة»وسط إعلان إيران ارسال المزيد من الأسلحة من بينها 300 صاروخ أرض أرض وتسليمها إلى الميليشيات (وليس إلى الجيش العراقي). كما قام وزير الدفاع الإيراني بزيارة إلى العراق والتقى بالقيادات الحكومية معلنا عن استعداد بلاده لدعم الحكومة ضد التنظيم، مع ملاحظة اعلان التحالف الدولي عن دعم قوات الحشد الشعبي في معركة الأنبار «إذا تعهدت بتلقي الأوامر من الحكومة « وهو أمر لا يضمن أحد حصوله، بحكم ارتباطات الميليشيات المعروفة.
أما التداعيات الإنسانية لسقوط الرمادي فقد تمثلت في نزوح جديد لعشرات الآلاف من أهالي الأنبار هربا من جحيم المعارك وتكدسهم عند جسر بزيبز، وهو الجسر الوحيد المتاح حاليا الرابط بين الأنبار وبغداد. وتكدس النازحون عند ضفة الفرات من الأنبار وسط رفض قاطع للسلطات الأمنية دخولهم إلى العاصمة، ومرت أيام كانت فيها صورة لمعاناة إنسانية ووطنية عندما يتم منع مواطن من الانتقال والحركة في وطنه وفي وقت النكبات والكوارث.
وأسفرت المأساة عن موت العديد من النازحين الماكثين تحت حرارة الشمس اللاهبة وانعدام المواد الغذائية والماء، كما نتجت عن جرح عميق في انتماء الأنباريين إلى الوطن بعد أكثر من سنة ونصف صمدوا فيها بوجه هجمات تنظيم «الدولة»الإرهابي لتكافأهم الحكومة بتسليم مدينتهم إلى التنظيم وتركهم في العراء ومنعهم من دخول عاصمة بلدهم في إجراء لا علاقة له بالدستور والوطنية والإنسانية.
وحتى بعد السماح للنازحين بدخول بغداد بعد ضغوط ونداءات ومطالبات كثيرة، فإن شرط وجود الكفيل لدخول بغداد عاد كالسيف على رقاب الأنباريين، ولم يسلم حتى الذين دخلوا بغداد بالكفيل من سلسلة حملات أمنية للتفتيش على المناطق والأحياء التي يتوقع ان يتواجدوا فيها في العاصمة، وليثير شكوكا في أن تعامل الحكومة مع مواطنيها يتسم بعدم المساواة ما يتطلب منها إثبات العكس.
&