راجح الخوري

بعد عام ونيف على سقوط الموصل، وبعدما تمكن تنظيم "داعش" من إلغاء الحدود العراقية - السورية وتوسيع سيطرته لتصل الى مساحة ٣٠٠ ألف كيلومتر مربع ما يعادل مساحة ايطاليا مثلاً، وبعد فشل الدولة العراقية وإدارتها الإيرانية وعجز التحالف الدولي ودوله الأربعين عن إلحاق الهزيمة بالتنظيم الإرهابي، بدت مبادرة الملك الأردني خطوة في الإتجاه الصحيح قد تؤسس عملياً لدحر "داعش"!

قد يبدو هذا الكلام مفاجئاً لكن العودة الى تجربة الجيش الأميركي في الأنبار من عام ٢٠٠٦ الى عام ٢٠٠٨، ضرورية لفهم أهمية الرهان على العشائر كقوة قادرة فعلاً على ضرب الدواعش.
كان عديد الجيش الأميركي في العراق أكثر من ١٥٠ ألفاً وعجز على رغم تفوقه الجوي والتكنولوجي عن إلحاق الهزيمة بـ"القاعدة" وبالعناصر التي كانت تتسلل من سوريا وايران الى العراق. وبعد تشكيل "مجالس الصحوات" من العشائر السنّية في الأنبار تم القضاء تقريباً على "القاعدة". ولكن بعد انسحاب الأميركيين تولّى نوري المالكي تفكيك "الصحوات" والتنكيل بها لدوافع مذهبية أيقظت الضغائن والأحقاد المذهبية البغيضة التي تتصاعد.
عندما ذهب الملك عبدالله الى البادية الشمالية قبل عشرة أيام إجتمع بعدد من شيوخ العشائر ووجهائها وأعلن أن الأردن سيحمي العشائر في شرق سوريا وغرب العراق مؤكداً بالحرف "ان العالم يدرك أهمية دور الأردن في حلّ المشاكل في سوريا والعراق وضمان أمن المنطقة وإستقرارها"!
طبعاً ليس خافياً عمق الوشائج التاريخية التي تربط النظام الأردني بالعشائر وإدراك الأردن العميق للأعراف والتقاليد والسيكولوجيا التي ترسم سلوك العشائر، ولكن ان يقول الملك علناً ومباشرة إن "العالم يدرك أهمية دور الأردن في حل مشاكل المنطقة"، فهذا يعني شيئاً واحداً هو عودة الى الرهان على العشائر السنّية لمواجهة "داعش" وإلحاق الهزيمة بالإرهابيين.
هل كثير إذا عاد الرهان على العشائر، بعدما فشلت الدولة العراقية في إستعادة الموصل وعدم خسارة الرمادي مثلاً، وبعدما وفّر التدخل الإيراني الميداني في المعارك التي يخوضها "الحشد الشعبي" الشيعي لتحرير المناطق السنّية وما يقوم به بعض العناصر من حرق للمنازل وتشريد للمواطنين، من تعاطف مع الإرهابيين، وبعدما عجز التحالف الدولي والأربعون دولة عن وقف تقدم الدواعش؟
حيدر العبادي لا يستطيع ان يتجاوز إصرار طهران على منع تسليح العشائر السنّية التي تصرخ طالبة المساعدة لتحرير مناطقها، وأميركا التي كانت تخشى ان يتسرب السلاح الى "داعش" باتت مقتنعة على ما يبدو بأن لا بديل من إحياء "الصحوات" لهزيمة الإرهابيين وان البوابة الأردنية هي المدخل الأفضل لهذا بعد رهانات اردوغان المفرطة في إسلاميتها.
وان تأتي هزيمة "داعش" ومختطفي الاسلام على أيدي العشائر السنّية فسيكون ذلك أعظم انتصار بعدما فشلت الدول والمذاهب!
&