&

&يوسف المحيميد

&لستُ مع كل هذا الضجيج والتهويل الذي صاحب توقيع إيران مع الدول الست بشأن الملف النووي. وفي المقابل أيضاً لست مع التقليل والتهميش لمثل هذا الحدث المهم؛ لأننا يجب أن ندرك أن إيران لو كانت دولة قوية على المستوى العالمي لما احتاجت أن تذهب إلى الغرب، وتبحث معه توقيع اتفاق لرفع العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها. ولو كانت دولة ضعيفة لما وافق الغرب على عقد الاجتماع تلو الاجتماع لتوقيع مثل هذا الاتفاق. بمعنى أنه يجب أن ننظر إلى الأمر بموضوعية تامة، ومن غير مغالاة ومبالغة!

ورغم أن بعض المحللين كان ينظر إلى أنه سيتم التوقيع بشكل أو بآخر؛ كي لا يقال بفشل المفاوضات بين الطرفين، إلا أن هذه النظرة غير صحيحة؛ ففي كل المفاوضات السياسية والعسكرية والاقتصادية لا بد من العديد من الاجتماعات، وعمليات الجذب والإرخاء، ولا بد من المناورات التي قرأنا عنها بعد كل اجتماع، حين يصرّح مسؤول غربي بأنه يستبعد وجود اتفاق بين الطرفين، في محاولة جرّ إيران إلى مزيد من التنازلات!

لننظر مثلاً إلى وجهتي النظر في الخسائر والمكاسب. فمن يرى أن الاتفاق ليس له أهمية يشير إلى الاتفاق على حق الغرب بتفتيش جميع مواقع التخصيب النووي في إيران بشكل مستمر، بمعنى أنها ستكون تحت طائلة التفتيش، وكذلك تخلص إيران من 99 % من اليورانيوم، ومنع إيران من امتلاك سلاح نووي على الأقل خلال السنوات العشر القادمة، واستمرار حظر السلاح على إيران خلال السنوات الخمس القادمة، خاصة مع تصريح وزير الخارجية الإيراني الذي يرى أن الاتفاق النووي ليس مثالياً، لكنهم أمام لحظة تاريخية، ويجب أن ينهوا مفاوضات هذا الملف!

في المقابل، هناك من يرى أهمية الاتفاق، وأنه إنجاز تاريخي، ومكسب كبير لإيران على الأقل بسبب رفع الحظر الاقتصادي عنها، الذي سيعيد هذه الدولة المحظورة والمنبوذة إلى العالم من جديد. ومن هنا فإن الرأيين على صواب، والنتيجة أنه اتفاق مهم، لكنه ليس عظيماً وتاريخياً كما يصفه البعض!

هذا الأمر والمغالاة في الرأي ينسحب أيضاً على عودة إيران لإنتاج البترول من جديد؛ فهناك من يبالغ في النظر إلى ذلك، وإلى تأثير ذلك على السوق، ويعتقد أن النفط الإيراني سيغرق السوق البترولية الدولية اليوم أو غداً، أو خلال أسبوع أو شهر، وهذا غير صحيح إطلاقاً؛ لأن الحظر الاقتصادي لسنوات طويلة جعل إيران تتراجع في عمليات الإنتاج، وتتخلف عن تطوير حقولها، وللعودة إلى ذلك يحتاج الأمر إلى فترة قد تصل إلى أكثر من سنة، معها قد تزداد معدلات الطلب من آسيا، خاصة من الصين؛ ما يعيد التوازن من جديد إلى السوق.
&