أحمد عبد الملك

استُشهد شرطيان في البحرين يوم 28 من الشهر المنصرم خلال أعمال عنف في مدينة «سترة»، كما أعلنت وزارة الداخلية في دولة الكويت عن تفكيك خلية تنتمي لتنظيم «داعش»، وقد اعترف أعضاؤها بتلقيهم تدريبات على حمل السلاح وبمشاركتهم في عمليات قتالية في سوريا والعراق. وأشارت مصادر أمنية كويتية إلى أن هذه الخلية لا دخل لها في الهجوم الانتحاري على مسجد «الصادق» الذي أسفر عن وقوع 26 قتيلاً و200 جريح، وأنها كانت تخطط لعمليات في سوريا والعراق.

فهل هذه الأعمال التي لم يألف المجتمع الخليجي مثلها من قبل، ستشكل بداية لأحداث مشابهة في المنطقة؟ قد يبدو هذا السؤال مفرطاً في التشاؤم، لكن لماذا نتأخر بالدواء إلى ما بعد الإصابة، أي بعد أن يقع الفأس في الرأس، دون أن نبادر لوأد الجماعات الضالة؟ وكيف لنا أن نحمي بلداننا من تداعيات الأفكار المنحرفة والأعمال الإرهابية؟ وهل نلقي كل المسؤولية على الجهات الأمنية؟ وهل نقف متفرجين على بعض المَشاهد المؤلمة من حولنا؟

أعتقد بأهمية دخول الإعلام الخليجي على الخط، والتقليل من حفلات الغناء وبرامج الإلهاء التي تحفل بفناني الدرجة الثالثة و«قفشاتهم» وذكرياتهم، وإضاعة الوقت في برامج الحوار العقيمة!

لابد من تبني خطة إعلامية لمواجهة التهديدات الأمنية، بما فيها التوجيه الدعوي المنحرف من بعض الفئات، ومن التزام بالشفافية، مع كل الاحترام للصمت الذي عادة ما تلتزم به الجهات الأمنية والسياسية معاً.

الإعلامي يحتاج إلى أرقام حديثة ومعلومات جديدة، وهو شيء لايزال مفقوداً في أغلب الدول العربية. ودخول الإعلام هنا لا نعني به دخولا عاطفياً، كما حصل في بعض الفضائيات الخليجية إثر أحداث سابقة، لأن العاطفة لن تحل محل العقل. وبالطبع لا نعني هنا كشف خطط مواجهة الإرهابيين أو خطوط متابعتهم، بل نعني أن يتخلص هذا الإعلام من «الكليشهات» اللفظية التي لا توصل رسالة للمتلقي، قدر تحريك عواطفه خلال البرنامج، لكن دون تحريك عقله بعد انتهاء البرنامج.

كما ينبغي أن تدخل الأسرة على الخط، لأن الشاب الذي يُغرر به، طالما وجدَ نفسه مندمجاً مع ذاته في عالم الاستهلاك الترفي، دون اتصال مع أسرته، لذلك يسهل اختراقه من قبل الجماعات الإرهابية التي تستخدم عدة طرق لاستمالته، فتقوم بتجنيده وتحييده عن فكرة الأسرة والمواطنة والانتماء للمجتمع.

أعتقد أن على مخططي الإعلام، لاسميا الإذاعة والتلفزيون، مهمة جديدة، بعد التطورات المؤسفة التي حصلت في المنطقة، خصوصاً بعد ثبوت تورط إيران في بعض الأحداث، وحصول عمليات تهريب للأسلحة إلى مملكة البحرين، والتي تم استخدام نمطها في تفجيرات مدينة «سترة»، إثر ضبط صنو تلك الأسلحة بعد أسبوع من الحادث!

وإذا ما اطمأنت تلك الجماعات المتطرفة إلى وجود دعم خارجي، فإنها سوف تستقوي به، وتتشجع في مواصلة عملياتها التخريبية في المنطقة.

وكان من الجيد وقوف 13 منظمة أهلية بحرينية –في بيان مشترك– ضد التدخلات الإيرانية المستمرة في الشؤون الداخلية لمملكة البحرين، وهو تدخل منافٍ لعلاقات حسن الجوار، وانتهاك صارخ للأعراف والمواثيق الدولية، وتعدٍ سافر على السيادة الوطنية.. وهذا أيضاً يمثل رداً على تكهنات بارتباط بعض قوى المعارضة بتلك العمليات الإرهابية.

وعلى صعيد سياسي، لابد أن يكون لمجلس التعاون الخليجي موقف واضح تجاه إيران «الجديدة» والتي أمَّل كثيرون أن تنهج نهجاً مسؤولا بعد اتفاق جنيف الأخير، لكن بدلا من ذلك وجدناها تتدخل في الشؤون الداخلية لبعض بلدان الخليج، وتؤجج المشاعر التي تحاول الحكومات الخليجية تهدئتها عبر الحوار. وبالتالي لابد من رفع هذا الموقف الخليجي إلى الأمم المتحدة بشكل سريع ودقيق لإغلاق الطريق على إيران نحو القيام بمغامرة جديدة.

إن المكاشفة والمبادأة ضروريتان في الموقف الخليجي، وكلما طال أمد الانتظار، تطورت المشكلات البسيطة إلى أخرى أكثر تعقيداً.