تركي عبدالله السديري

لبنان أقدم الديمقراطيات العربية وأعرق برلماناتها منذ أن استقل لبنان في أربعينيات القرن الماضي، وتأصلت كذلك به الحريات الصحفية والمؤسسات التعليمية الرائدة في العالم العربي والذي كان يقدر أن يكون مركز انطلاقة العالم العربي نحو التقنية والتقدم لما كان يتمتع به لبنان من تنوع ثقافي وطائفي ونخب متعلمة ومثقفة ومطلعة على ثقافات الغرب.

للأسف بعد هذه السنين منذ استقلال لبنان يعجز اليوم مجلسه النيابي عن اختيار رئيس للجمهورية حتى بلغ عدد المحاولات الفاشلة لمجلس النواب ستة وعشرين مرة لاختيار رئيس للجمهورية.. بعد هذه الخيبة زادت المشاكل لدرجة أنها أصبحت تمس الحياة الحضارية في لبنان لدرجة أن النفايات باتت تزعج الأهالي وتحول البعض من المواطنين من البحث عن رئيس جديد إلى محاولة القضاء على النفايات فقط كأبسط أساسيات الحياة المدنية الحديثة.

يؤسفني كعربي ومحب للإخوة في لبنان بأن أرى هذا الحال لبلد أخرجت مكتباته خيرة النصوص والترجمات وقدم الفكر والفن بأن يكون هذا حاله والمؤسف أكثر هو أن العالم العربي الذي كان فيه لبنان جوهرة مضيئة نراه مع الأيام ينطفئ.. لأن ما يحدث في لبنان يعيب العالم العربي بأجمعه بأن تتآكل به البنية التحتية وتتراكم النفايات في عاصمته، الأمر الذي نجده اليوم تباعد المقارنات بين ما كان عليه لبنان في ماضيه وبين صعوبة مقارنة حاضره بما هي عليه دول آسيوية وأخرى إفريقية في ذلك الماضي من تراجع وبين واقع ما وصلوا الآن إليه من جدارة تقدم..