&تواصل الجدل أمس في شأن التعزيزات العسكرية التي تُرسلها روسيا إلى نظام الرئيس بشار الأسد. وفيما أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن بلاده تساعد بالفعل الجيش السوري النظامي على طريقة تشغيل أسلحة يتم تسليمها له، متمسكاً بمواصلة تقديم الدعم له على رغم الانتقادات الغربية بحجة أنها «الوحيد على الأرض» القادر على مواجهة تنظيم «داعش»، تجنّب الكرملين تأكيد معلومات عن مشاركة قوات روسية في القتال إلى جانب الجيش السوري أو نفيها، ما أبقى هذه المسألة محاطة بالغموض.
في موسكو، أنكر الوزير سيرغي لافروف مجدداً قيام روسيا بخطوات لتعزيز وجودها العسكري في سورية، وقال إن بلاده «لم تتكتم أبداً على الوجود العسكري (في سورية). ويعمل هناك خبراؤنا العسكريون المعنيون بمساعدة الجيش السوري في التدريب على استخدام الأسلحة. ولا تتخذ روسيا في الوقت الراهن أي خطوات إضافية». لكنه أشار إلى أن موسكو «ستتخذ خطوات ضرورية إضافية - إذا دعت الحاجة - تراعي القانون الروسي والمعايير الدولية». وزاد أن بلاده «لم تقدم على أي خطوة إلا بطلب وموافقة الحكومة السورية».
ورفض لافروف القلق الغربي من أن التدخل الروسي المباشر سيفاقم الأخطار الإرهابية، قائلاً إن نظيره الأميركي جون كيري خلال محادثة هاتفية بينهما «أصر على فكرة غريبة مفادها بأن دعمنا لبشار الأسد سيؤدي إلى تعزيز مواقع «داعش» لأن ممولي هذا التنظيم سيوسعون إمدادهم له بالأسلحة والمقاتلين»، معتبراً ذلك «منطقاً مقلوباً ومحاولة لتشجيع الاعتماد على الإرهاب لتحقيق أهداف سياسية». وأكد أن موسكو لا تريد تكرار «السيناريو الليبي» في سورية، ولذلك تزود الجيش السوري بما يحتاج إليه في محاربته «الإرهاب»، كما تفعل مع العراق.
في غضون ذلك، شارك الكرملين الذي لا يعلّق عادة على تفاصيل مماثلة، في حملة «نفي المزاعم الغربية» وقال الناطق باسمه ديمتري بيسكوف ان موق ف موسكو واضح حيال فكرة انه «من السابق لأوانه الحديث عن مشاركة عسكرية روسية في العمليات الجارية في سورية».
لكنه شدد على عزم موسكو مواصلة تزويد النظام بالسلاح والمعدات لأن «القوة الوحيدة القادرة على التصدي لتقدم «داعش» هي القوات المسلحة السورية».
وبعد أيام من تأكيد مسؤولين أميركيين أن الروس يدفعون بتجيهزات وجنود إلى سورية، خرجت إسرائيل عن صمتها وأشارت إلى وصول قوات روسية في الأيام الأخيرة لمساندة حكومة الأسد. ونقلت وكالة أسوشيتد برس عن وزير الدفاع الإسرائيلي موشي يعالون قوله الخمس إن موسكو أرسلت مستشارين عسكريين و «قوة فعلية» لإقامة قاعدة جوية قرب مدينة اللاذقية سيكون في إمكانها استيعاب طائرات مقاتلة ومروحيات تشارك في ضرب «داعش».
ميدانياً، تقدم تنظيم «داعش» في اتجاه مطار دير الزور العسكري وسيطر على كتيبة الصواريخ والمبنى الأبيض في محيط المطار إثر هجوم شنّه بدءاً من أول من أمس، وسط معلومات عن مقتل عشرات من المهاجمين ومن حامية المطار. وسيطرة «داعش» على مطار دير الزور تهدد بإنهاء وجود القوات الحكومية في كامل هذه المحافظة في شرق البلاد كون وجودها حالياً ينحصر في المطار وفي بعض أحياء مدينة دير الزور.
وتحدث ناشطون سوريون أمس عن حال استياء تشهدها مناطق موالية للنظام في محافظتي حماة واللاذقية على خلفية مقتل أو أسر عشرات الجنود الذين ظلّوا محاصرين سنتين في مطار أبو الضهور العسكري في محافظة إدلب والذي سقط الأربعاء في أيدي «جبهة النصرة»، فرع «القاعدة» السوري. وتحدث قيادي في «النصرة» عن أن مصير الأسرى سيكون الإعدام كونهم، كما قال، باتوا «مرتدّين» بسبب قتالهم في صفوف النظام على رغم انتمائهم إلى الطائفة السنّية.
على صعيد آخر، تنطلق اليوم في الأمم المتحدة في نيويورك ومنظمة حظر الأسلحة الكيماوية في لاهاي الخطوات الإجرائية لتشكيل لجنة تحقيق دولية جديدة مشتركة بين المنظمتين مهمتها تحديد الجهات التي تستخدم أسلحة كيماوية أو غازات سامة في هجمات عسكرية في سورية، في خطوة غير مسبوقة يفترض أن تؤدي للمرة الأولى إلى تحديد أسماء متورطين في ارتكاب جرائم حرب في هذا النزاع.
وستبدأ الأمم المتحدة اليوم مشاوراتها مع الحكومة السورية لصياغة الإطار الناظم لعمل اللجنة التي كان مجلس الأمن قرر تشكيلها في قراره ٢٢٣٥، والتي يتطلب عملها داخل سورية توقيع اتفاقية ئنائية بين المنظمة الدولية والحكومة السورية. وأفرجت روسيا الخميس، بعد تأخير لنحو أسبوع، عن موافقتها على آلية تشكيل اللجنة، ما فتح الطريق أمام تحقق الإجماع في المجلس على هذا الإجراء. وجاءت الموافقة الروسية بعد «إيضاحات» قدمها الأمين العام بان كي مون مساء الأربعاء الى المجلس، لطمأنة هواجس روسيا حول عمل اللجنة.
التعليقات