&هل يأخذ "حزب الله" باقتراح الراعي فيسمي مرشحه لمنافسة المرشح الآخر؟


اميل خوري &
&

اذا كان لوفد من "حزب الله" ان يعلن من بكركي بعد لقائه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي "ان الجنرال ميشال عون هو الشخصية المؤهلة للرئاسة وايجاد الحلول للمشاكل الوطنية والتحديات الموجودة في المنطقة"، فإن لقوى 14 آذار ان ترى الصفات والمؤهلات نفسها في شخص الدكتور سمير جعجع كمرشح لها، ولكن ليس من حق أي طرف ان يفرض مرشحه على طرف آخر من خارج آلية الدستور والنظام الديموقراطي لأن لبنان لا يخضع لنظام ديكتاتوري أو شمولي أو عسكري.

لقد سبق للبطريرك الراعي ان اقترح على كل طرف ان يسمي مرشحه للرئاسة الاولى ويكون مجلس النواب هو المكان الطبيعي للتنافس بين مرشحين اثنين أو أكثر. فلو أنه تم ذلك لكان للبنان رئيس للجمهورية ضمن المهلة الدستورية. لكن "حزب الله" ومن معه لم يرشح منافساً لمرشح قوى 14 آذار وهو الدكتور جعجع، بل رمى نوابه ونواب 8 آذار اوراقاً بيضاً في صندوق الاقتراع وبينها ما ينبش مآسي الماضي بحجة أن قوى 8 آذار لا تريد ان تجعل عون مرشحاً تصادمياً بل مرشحاً توافقياً... وهكذا توالى عقد جلسات انتخاب رئيس للجمهورية من دون أن يكتمل نصابها بسبب مقاطعة نواب "حزب الله" و"تكتل التغيير والاصلاح" ومن دون اعلان عون مرشحاً رسمياً بحسب الاصول الدستورية والنظام الديموقراطي، بل الاكتفاء بالقول إنه مرشح توافقي أو وفاقي، وهذا لا يقرره طرف إنما الأكثرية النيابية المطلوبة. وهذه هي أهمية النص الدستوري الذي يشترط فوز المرشح للرئاسة بأكثرية الثلثين لتأكيد أنه مقبول من مختلف الاحزاب والمناطق والمذاهب ولا يمثل طرفاً يجعله ضعيفاً مهما كانت شخصيته قوية، وهو ما أصـــــاب عـــــدداً من الرؤســـاء الذين فازوا بأكثريـــــة الثلثين، ثم تدنت هذه الأكثرية الى النصف أو دونه عند ممارسة صلاحياتهم ممارسة خاطئة بحيث شعرت فئة بأنها غالبة وفئة بأنها مغلوبة، فخرجوا من القصر الجمهوري ضعفاء وأحياناً شبه مطرودين.
لقد قال وفد "حزب الله" من بكركي: "نحن نؤيد الدخول في التسويات السياسية وليس في استمرار الحروب وسفك الدماء في المنطقة". لكن ترجمة ذلك تكون بترشيح العماد ميشال عون رسمياً منافساً للمرشح جعجع، فاذا لم ينل أي منهما أصوات الأكثرية النيابية المطلوبة، فينبغي عندئذ البحث عن مرشح ينال هذه الكثرية، وإذا لم يتم التوصل الى اتفاق عليه، فينبغي أن يترك لمجلس النواب انتخاب من يشاء بالأكثرية المطلوبة من بين مرشحين معلنين وغير معلنين. أما أن يظل معطلو جلسات الانتخابات الرئاسية يؤيدون عون ولا يرشحونه رسمياً، فكأنهم ينتظرون "كلمة سر" تأتيهم من خارج، أو أنهم يتعمدون التلاعب بالدستور لا بل يخالفونه تارة باقتراح اجراء استفتاء شعبي، وطوراً بانتخاب الرئيس مباشرة من الشعب، أو تقديم الانتخابات النيابية على الانتخابات الرئاسية لا لشيء سوى إضاعة للوقت وإلحاق مزيد من الضرر بالوطن والمواطن.
الواقع أن في لبنان دستوراً طبق منذ عام 1943 وآلية الانتخابات الرئاسية فيه واضحة ولا تحتاج إلى تفسير أو اجتهاد أو البحث عن آلية جديدة مخالفة لها، لا لشيء سوى إرضاء لنزوة شخصية ومنفعة ذاتية. فإذا كان القادة في لبنان يريدون فعلا رئيساً يكون من صنعهم، فما عليهم سوى الاحتكام الى مجلس النواب في انتخاب الرئيس وليس الى أي جهة أخرى، فالرئيس الذي يأتي بالقوة يذهب بالقوة، والرئيس الذي يأتي به نصف اللبنانيين سيظل طوال حكمه في مواجهة مع النصف الآخر. أما إذا كانوا يريدون رئيساً من صنع الخارج فلينتظروا كلمة هذا الخارج، وقد يطول انتظارهم بحيث يصبح لبنان من طول الانتظار على شفير الهاوية. فليطبق مقاطعو جلسات انتخاب الرئيس الدستور، وليبحثوا بعد هذا الانتخاب في تعديل ما يجب تعديله فيه، بما في ذلك آلية انتخاب الرئيس.