هاشم عبده هاشم

•• سوف أفترض أن الدعم الروسي الجديد للنظام السوري بمعدات وأسلحة وتجهيزات متطورة جاء بهدف المحافظة على مكاسبه الاستراتيجية داخل سورية قبل التوصل إلى أي اتفاق حول طبيعة المرحلة الانتقالية التي يتم الآن الحديث بشأنها مع مختلف الأطراف المعنية بالوضع السوري.. وتحديداً قبل اللقاء المرتقب بين وزير الخارجية الروسي "لافروف"، ووزير الخارجية الأميركي "كيري" ووزير الخارجية السعودي "الجبير".

•• سأفترض هذا.. لأن لروسيا مصالح ضخمة داخل سورية منذ أكثر من خمسين عاماً.. وأن لها وجوداً حقيقياً من خلال قاعدتها العسكرية في طرطوس.. وربما في أماكن أخرى أيضاً.. وكان هذا الوجود جزءاً من الحرب الباردة بينهم وبين الأميركان في المنطقة وغيرها..

•• لكن.. إذا ثبت أن هذا الدعم الجديد جاء بهدف المحافظة على وجود بشار الأسد ضمن المرحلة الانتقالية الجاري البحث في تفاصيلها الآن، فإن ذلك يعني أن الروس غير جادين في التوصل إلى تسوية نهائية للوضع هناك، وأنهم بالتعاون مع إيران وبالتنسيق مع حزب الله سيحاولون تمرير تسوية هزيلة مع قوى المعارضة يتم معها ترسيخ قواعدهم في الأراضي السورية ويواصلون خططهم وأجنداتهم الرامية إلى القضاء على ما تبقى من أحلام الشعب السوري في إقامة دولته المستقلة.. وإعادة بناء وطنه على أسس جديدة.. بعد كل ما قدم من تضحيات..

•• ليس هذا فحسب.. بل إن الروس والإيرانيين بهذا العمل يريدون لسورية المستقبل أن تكون منطلقاً إلى توسيع نطاق وجودهم ومصالحهم في المنطقة وليس في لبنان والعراق واليمن فقط.. وذلك هو أخطر ما في الأمر وأسوأه.. ولا يمكن أن تقبل به دول المنطقة والعالم وقبل هؤلاء وأولئك الشعب السوري الذي قدم نصف مليون شهيد حتى الآن..

•• فإذا أضيف إلى ذلك عامل آخر هو النص في الصيغة المطروحة الآن للمرحلة الانتقالية على إجراء انتخابات حرة مع وجود الأسد وفي ظل سلطة النظام الذي يحميه الروس والإيرانيون.. فمن الذي يضمن عدم تزوير نتائجها لصالح الأسد بهدف المحافظة على مكاسب الدولتين الاستراتيجية في سورية وإنهاء أحلام وتطلعات الشعب السوري في التغيير تماماً كما زُوِّرت الانتخابات الأخيرة وحافظت على بقاء النظام ورأس النظام وأعوان النظام على حساب إرادة الشعب وتضحياته؟!

•• والأخطر من كل هذا أن تنعقد الصفقة بين روسيا وإيران مقابل أن تُعطي إيران لروسيا النصيب الأوفر في الاستثمارات بداخلها ثمناً للموقف المساند لها في التوصل إلى الاتفاق النووي مع الدول (5+1) ويخرج الامريكان والأوروبيون (من المولد بلا حمص) كما يقولون.. مقابل إقامة شراكة قوية بينهما هدفها المحافظة على مصالحهما في المنطقة ومواصلة تنفيذ أجنداتهما في بقية دولها..

•• لو حدث هذا.. فإن السؤال يصبح الآن هو:

•• هل من مصلحة العرب أن يمضوا في سياسة الانفتاح على موسكو وتبادل المصالح معها بتوسع في المرحلة القادمة.. ولأي حسابات يمكن أن يتم ذلك؟

◘ ضمير مستتر:

•• حتى لا يتقاذفنا الشرق والغرب.. ونكون نحن الضحية في النهاية.. فإن التريث مطلوب.. لتبيّن حقيقة ما يُضمره الكل لنا.. وأن نعمل بدل ذلك على تحصين أنفسنا من الداخل لمنع الأخطار التي تتهددنا من الخارج..