&&سعد بن عبدالقادر القويعي
&
التبدل في إستراتيجيات الكرملين ليس أمرا عارضا، وإنما ينطلق من سياسة تعزيز حصة روسيا نحو أي حل سوري مقبل، فالتواجد الروسي على الأراضي السورية، هدفه تغيير موازين القوى في الشرق الأوسط، وذلك من خلال السعي للحفاظ على وجود -الرئيس السوري- بشار الأسد؛

-فضلاً- عن ضرورة تعزيز محور إيران - سوريا - حزب الله، - إضافة - إلى وجودها في المنطقة، -وخصوصا- في ميناء طرطوس، والعمل على إنشاء ميناء جوي عسكري؛ من أجل حماية المنافذ البحرية، والجوية التي تعتمد عليها روسيا؛ للوصول إلى سوريا، والعمل على توسيعها، وبسط سيطرة موسكو على الوضع -بشكل عام-، وبث رسالة إلى أن دورها -في المرحلة القادمة- سيكون أكثر فاعلية من الدور الأمريكي، عبر بناء قوة مشتركة؛ للتدخل السريع لشن حملات جو- أرض في - محافظات - اللاذقية، وطرطوس على طول الساحل الشمالي الغربي، تتجاوز بكثير نطاق الدور الذي لطالما اضطلعت به روسيا على مستوى إمدادات الأسلحة، والاستشارة.

من جانب آخر، فإن التدخل العسكري الروسي الأخير في سوريا، سيزيد من فرص التنسيق بينها، وبين القوى الموالية لنظام الأسد، وعلى رأسها حزب الله اللبناني، والميليشيات الشيعية التي تعمل تحت قيادة فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني. وإذا اتخذت إذا روسيا الخطوات المذكورة أعلاه، فقد تنتج تداعيات كبيرة عن تدخلها كما يقول -محلل الشؤون الدفاعية في معهد واشنطن- جيفري وايت، الأمر الذي سيؤثر على الوضع العسكري في سوريا، وقد تتعاون القوات القتالية الروسية مع قوات النظام السوري، معززة -بالتالي- القوة النارية، والدعم الجوي، والفاعلية القتالية لصالح النظام، وإذا تضمنت المهمة الروسية توفير التدريبات، والأدوار الاستشارية، فقد يساهم ذلك في تعزيز المهارات العسكرية للوحدات السورية، كما يمكن للقوات الروسية أن تقوم بمهام قتالية مستقلة ضد أهداف مهمة.

التواجد الروسي في سوريا، يحمل رسائل أبعد من ذلك بكثير لجميع دول المنطقة، وقد تتغير قواعد اللعبة في ساحة الحرب؛ نتيجة جهود إستراتيجية مدروسة؛ لدعم النظام السوري عن طريق قوات عسكرية مباشرة. ومستفيدة في الوقت نفسه من الغطاء الذي تؤمنه لها النشاطات، والمنشآت الروسية الموجودة سابقا في سوريا. وقد تكون الخطوة الروسية عامل تغيير محتمل لشروط اللعبة العسكرية، إذا ما رسخت نفوذ النظام السوري، وعملت على قلب المعادلة لصالحه، وفق مخرجات دهاليز السياسة الدولية، بعد أن تدخلت في الأزمة السورية أطراف دولية، وبأجندات مختلفة؛ لخوض حرب دولية من نوع خاص، وصراع أيديولوجي مقيت.

إحباط عزيمة واشنطن ستتضح من خلال معالم المهمة الروسية، عند تحديد حجم القوات الروسية، وأنواعها، الأمر الذي قد يعرقل معه الخطط الأمريكية، والرامية إلى دعم العمليات البرية في سوريا، -وبالتالي- الوصول إلى التفاوض نحو حل سياسي بدلا من الحل العسكري، وبمباركة روسية، بعد أن أثّر في اتجاه حركتها ردّة الفعل الأمريكية، والأوربية الباردة تجاه الأزمة.