رائد برقاوي

«أرامكو» أكبر شركة نفط في العالم تمتلك 15 في المئة من احتياطات الخام في الكرة الأرضيّة ستتاح للمستثمرين قريباً. إنها درجة متقدمة من الانفتاح والشفافية تعتزم السعودية المضي فيها قريباً في إطار برامج الإصلاح الاقتصادي الذي التزمت به للارتقاء باقتصادها الوطني وتحسين كفاءته.


الخطوة (القفزة) لم تكن في حسابات أو خطط الخبراء والمحللين والمؤسسات المالية والاستثمارية في المنطقة والعالم، لكنها قريباً ستكون على طاولاتهم وفي غرف اجتماعاتهم، فهناك طرح لجزء من أسهم أكبر قيمة سوقية لشركة في العالم ، وهناك مشاركة في ملكية جوهرة تاج الشركات السعودية التي تمتلك 265 مليار برميل نفط احتياطي.


خطوة السعودية المرتقبة ستفتح الباب واسعاً أمام المستثمرين للشراكة مع الحكومة في النفط الخام أهم مصدر للطاقة في العالم وكذلك أمام الدول النفطية الخليجية لاتخاذ خطوات مماثلة بشركاتها النفطية، فشراكات القطاعين ستمثل محوراً مهماً في تحقيق النمو الاقتصادي لدول المنطقة في الحقبة المقبلة التي ستكون مملوءة بالتحديات والفرص معاً.


برامج الخصخصة التي تعتزم المملكة المضي فيها من شأنها أن تحلّق باقتصادها إلى آفاق جديدة ، فتجارب العالم أثبتت أن القطاع الخاص أقدر على قيادة دفة النمو وتحقيق الاستدامة مع الإشارة إلى التجربة «التاتشرية» في الثمانينات التي نقلت الاقتصاد البريطاني إلى مرحلة متقدمة من الكفاءة والنمو وجعلته اقتصاداً تنافسياً على المستوى العالمي.


هناك الكثير الكثير من المؤسسات الحكومية في المملكة التي يمكن للرياض إشراك القطاع الخاص في إدارتها وملكيتها.. في الطيران والنقل والصناعة والبنية الأساسية بما في ذلك مؤسسة الحج والعمرة التي تمثل عماد السياحة الدينية ، فالمجال متاح لتكون ضمن الخطط المقبلة للحكومة.


علينا ألا ننظر إلى برامج الخصخصة على أنها ضعف حكومي بل العكس صحيح، فالخصخصة تعني توظيف مدخرات المواطنين وإعادة أموالهم من الخارج، وتقليص الهدر بالإدارة الجيدة، وإصلاح الاختلالات الهيكلية، وتوفير التمويل للتوسعات، وزيادة الكفاءة وتوفير فرص أكبر للعمل وأيضاً جني الأموال لاستثمارها في برامج اجتماعية وتنموية وسيادية في شتى القطاعات.


السعودية اليوم تختلف عن السابق، فهي باتت تتعاطى مع الاقتصاد وأنشطته على أنه «وحدة متكاملة» وليس فردياً كل قطاع يتعلق بذاته، وما تقوم به المملكة بفريقها الاقتصادي الشاب الذي يقود دفته الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد يسترعي الانتباه والتمعن والمتابعة لأنه سيحدث تغييراً حقيقياً جريئاً مواكباً لتطلعات العصر، ويبدو من مؤشراته أنه سيكون شاملاً متدرجاً لكنه سريع ستنعكس آثاره ليس على الداخل السعودي فقط ولكن على دول المنطقة وفي مقدمتها الإمارات أحد أكبر شركائها.


الرياض بدأت مرحلة جديدة في اقتصادها.. مرحلة عنوانها «الكفاءة الاقتصادية الشابة» ، فاستعدوا للتعاطي معها والبناء عليها والاستفادة من فرصها. إنها مرحلة تغير إيجابي لأكبر اقتصاد في الشرق الأوسط.