رائد برقاوي

هل المشكلة في النفط الذي تسبّب في كل هذه الخسائر للبورصات العالمية عندما فقد أكثر من 20% خلال أسبوعين إلى ما دون ال 30 دولاراً أم أن أداء الاقتصاد العالمي الضعيف دفع هذه البورصات إلى تصحيح حاد؟
الجواب المختصر هو في الاثنين معاً. وإذا كان الأمر «بالنسبة والتناسب» يميل أكثر لكفة الاقتصاد الواهن على امتداد الكرة الأرضية باستثناء أمريكا التي خرجت إلى حد ما من كبوتها بفضل التيسير الكمي ومئات مليارات الدولارات التي ضخت في عروق اقتصادها لإعادة الحياة له.


بالنسبة للنفط فإنه من المؤكد أن اختلاف رؤى المصدرين الجذرية كان سبباً رئيسياً لفائض المعروض بأكثر من الطلب العالمي، فكلاهما منتجو أوبك والمستقلون وتحت شعار الحفاظ على الحصة السوقية لكل دولة استمروا في الإنتاج مثل «النعامة» غير عابئين بظروف السوق وحال اقتصاد العالم وحجم الطلب الفعلي.


كيف لن ينخفض النفط إذا لم يؤخذ بعين الاعتبار أول مبادئ السوق الحر وهو «العرض والطلب»، فإذا كان الأخير أقل من الأول بأكثر من مليوني برميل يومياً فإنه من المستحيل بل من «سابع المستحيلات» أن ترتفع الأسعار لا الآن ولا مستقبلاً. وإذا لم يتم التوصل إلى اتفاق بين المنتجين من داخل وخارج المنظمة فالمعاناة ستستمر طويلاً وسيخسر الجميع.


أما العامل الأهم وهو الاقتصاد، فمشهد العالم يشير إلى أن أغلبية دوله تعاني ضعفاً في النمو اولها في الصين ثاني أكبر اقتصادات العالم ومعها بقية دول العالم التي لم تعد تحتاج إلى كميات نفط كتلك التي كانت تحصل عليها قبل سنوات، والأمر ذاته ينطبق على السلع التي تنتج من تحت الأرض وفوقها، فأسعارها في البورصات ستتأثر بقلة الطلب، والشركات المرتبطة بها ستتضرر أيضاً بما في ذلك البنوك التي توفر التمويل لها.
ماذا عن اقتصادنا الوطني..


الإمارات لا تعتمد على النفط إلا بنسبة 30% من ناتجها، ومع ذلك فهي لا تستكين لهذه النسبة، فكما يقول صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله: نسير بخطى ثابتة تحت قيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد رئيس الدولة، حفظه الله، لتلبية تطلعات الشعب وطموحاته، لكن رغم الإنجازات لابد لنا من التخطيط للمستقبل بطريقة مختلفة.. علينا ابتكار قطاعات جديدة لا ترتهن للنفط ، وعلينا تعزيز كفاءة إنتاجية قطاعاتنا الحالية، وعلينا تحقيق نمو مستدام ومتوازن، ولهذا سنعقد خلوة تجمع الحكومة الاتحادية والحكومات المحلية والخبراء والاقتصاديين لتحديد مسار المستقبل.


الامارات تدرك أن الاقتصاد العالمي في مرحلة حرجة «مؤقتاً»، وتدرك أيضا أن الفائز هو من حصّن نفسه ومن امتلك رؤية لاقتناص الفرص.