&بينة الملحم&

&قبل نحو أكثر من عامين كتبت في هذه الزاوية متسائلة: "لا أدري متى يفيق الأميركي ويعرف أن سورية وضعها خطير جداً وأن تخلِّيه عنها هو فتح المجال لمافيا الروس وتجار وميليشيا إيران والمرتزقة من أدواتها!"، تذكّرت ذلك بينما أقرأ عنوان التقرير الذي نشره هافينغتون بوست عربي ١٤ يناير ٢٠١٦ "الروس في سورية إلى الأبد.. اتفاق كشفته موسكو ووقعه الأسد وبوتين".&

أثبتت الأحداث أن إيران التي تمسك بزمام الأمور في سورية مع حليفتها روسيا إنما كانت تقوم بأكبر عملية ابتزاز للعالم في العصر الحديث. فهي تقول سورية مقابل المسألة النووية، وهي تضع كل مقدّراتها من أجل محاولة التفوق الإقليمي في النفوذ والقوة الديبلوماسية، وفي الغرف المغلقة يفاوض الإيراني الشرس القوى الغربية وبيده أقوى ورقة وأخطرها وهي الملف السوري، ولأن الإيراني واسع البال يغزل السجاد بسنوات ويفرز الزعفران بهدوء لأنه هكذا فإنه أراد أن يضرب بيدٍ من حديد أميركا الضعيفة.&

لقد كان من أسوأ المواقف السياسية التي اتخذها أوباما ادّعاؤه بأنه سيضرب سورية، لكنه تراجع، فعلم العالم أنه صراخ وعويل من دون مواقف، وحين أعلن تحرّكه العسكري ضد سورية، حبس العالم أنفاسه، وحنت إيران رأسها بانتظار الكارثة وتخلّت عن النظام السوري، لكنها عادت بشكلٍ أشرس بعد أن علمت حقيقة موقف أوباما الضعيف والمتهالك.&

كشفت موسكو بحسب التقرير أن روسيا وسورية وقّعتا في أغسطس/آب 2015، اتفاقاً يقضي بمنح موسكو الضوء الأخضر لتواجد عسكري "مفتوح" في سورية، التي تشهد حرباً مستمرة منذ حوالي 5 سنوات، فيما اعتبر محللون أن الاتفاق في صالح روسيا وبإمكانها المكوث في سورية كما تشاء والخروج منها وقتما تشاء.&

لقد كان لفشل أميركا بالموضوع السوري أكبر انتصار ليس للإيرانيين فحسب بل وللروس، لأنهم يريدون مسك العالم مع الجراح التي تنزف. إيران التي لا تبالي بالأوضاع الإنسانية وهي تضرب يميناً وشمالاً ويدها غارقة بالدم منذ تدخلها في العراق واحتلالها وتدخلها في شؤون دول كُثر وإلى أن زجّت بحزب الله والحرس الثوري لإدارة المعارك في سورية.&

روسيا الآن تعرف أن مصير سورية هي سبب فيه وإلا لو سارت مع الضمير الشعبي تجاه المجتمع السوري والثائرين لما وصلت سورية إلى الحالة التي وصلت إليها، غير أن روسيا دولة تجارة ودولة مافيا وليست دولة سياسية بالضرورة.

&

&