&نبيل بومنصف

&لن تقاس الأخطاء التي ارتكبتها قوى ١٤ آذار في حقبات سابقة بالخطأ الافظع الذي يمكن ان ترتكبه ان هي عادت بعد تخلية ميشال سماحة الى حساباتها الكلاسيكية في شأن الأزمة الرئاسية وأزمة المصير الوطني. لن نقف امام نشوة استنهاض التحالف السيادي البديهية في الايام الاخيرة عقب الأثر المزلزل لهذا التحدي الأشد وقاحة لمنطق حماية السلم الأهلي. ذلك ان اطلاق سماحة سيشغلنا لوقت طويل في تقصي طبيعة ذاك الشيء الذي قرر تخليته: هل هو أفظع الأخطاء القضائية العسكرية في التقدير؟ أم انه صنيعة "مؤامرة " مدبرة؟ وعلى من التآمر ما دام القضاء العسكري صار في مواجهة أسوأ مما واجهه " المكتب الثاني" سابقا؟

الآن اننا امام المقلب السياسي الأشد ايلاما في اختبار قدرة تحالف ١٤ آذار الذي حظي ايضا بدعم تلقائي من الحزب التقدمي الاشتراكي في هذه المواجهة التي، مهما كانت طبيعة الاستهداف الذي أخرج ميشال سماحة من السجن ليتحدى مجموع المؤمنين الباقين بالعدالة، لم تعد سوى النذير الأخير لوضع يد معلومة - مجهولة على كل مفاصل الدولة والسلطات وإرضاخ الآخرين على الاستسلام الناجز.

تبعا لذلك ترانا نخشى اكثر من اي وقت الا يكون قادة قوى ١٤ آذار قد قرأوا بإمعان معنى الانتفاضة الشبابية في الأشرفية ليس على ذاك الخطر الزاحف مع قرار قضائي هجين يطلق مدانا بالارهاب بحكم مثبت فحسب بل على قادتهم انفسهم ايضا ليكشفوا للمرة الاولى بهذا الشكل الدراماتيكي اتساع الانفصام بين القواعد والقيادات ان لم تكن كلها فبعضها غير القليل. ان استهدافا انقلابيا اسود قاتما يحمل ذروة الخطورة بمثل ما يشكله الإطلاق الفضائحي لميشال سماحة قبل نهاية محاكمته، ومع زيادة الشكوك في الحكم النهائي عليه اكثر فأكثر، بات يستدعي مغادرة موقع رد الفعل مغادرة نهائية. ولا شك في ان أفضل الممكن قضائيا ونظاميا ورسميا ونيابيا هو ان يدعم وزير العدل اشرف ريفي دعما جماعيا في معركته لنزع قضية سماحة من القضاء العسكري وإحالتها على المجلس العدلي كما في اعادة هيكلة شاملة للمحاكم الاستثنائية حتى حدود الغائها. ولكن ذلك لا يغني عن الحسم السياسي الذي بات على تحالف ١٤ آذار والحزب الاشتراكي ان يذهبا اليه دون تردد. هو حسم يوقف كل مفاعيل المعركة الرئاسية ويلغي كل ما كان قبل فتنة تخلية سماحة بما يعني نزع الاستحقاق من براثن الاسترهان لبعض تحالف ٨ آذار وداعميه الإقليميين. مثلما جمدت ٨ آذار الاستحقاق ١٩ شهرا فليجمد الى افق غير محدد من الجهة الاخرى حتى ضمان جمهورية لا تسبق رئيسها بانقلاب متدحرج تشكل تخلية " وكيل المملوك " والخروج عن الإجماع العربي نسختهما المتقدمة.