مشاري الذايدي

يعتبر المجتمع السعودي من أكثر المجتمعات العربية تفاعلاً مع منصات التواصل الاجتماعي على الإنترنت، بما يعنيه هذا التفاعل، من حسن أو سوء.


من لوازم التفاعل مع هذه المنصات كثرة الحقن بالمحتوى المتجدد يوميًا، خاصة بما يتصل بالحياة الشخصية، صور، مقاطع فيديو، نصوص، تعليقات على أحداث وشخصيات ومواقف، بشكل سريع غير متأنٍ ولا متبصر، إلا القليل.


«من كثر كلامه كثر سقطه، ومن كثر سقطه قَلَّ حياؤُهُ، ومن قَلّ حياؤُهُ قَلَّ ورعه، ومن قَلَّ ورعه مات قلبه». كما نصح من قبل الخليفة الراشدي عمر بن الخطاب.
تبدو هذه النصيحة فعالة أكثر مع طوفان الحكي وشهوة التعليق، دون معرفة ولا تكليف نفس حتى بالمعرفة حول الأمر.


هذه الأخبار من السعودية، مثلاً، تبرهن على صحة هذه النصيحة. قبل أيام ظهر شاعر شعبي مشهور له مقاطع فيديو مع ابنه كثيرة، وهو يعلم الطفل قيادة السيارة وينصحه بعدم المبالاة بوجود كاميرا ساهر لرصد المخالفات المرورية.


أكدت الإدارة العامة للمرور أنها تعمل حاليًا على استدعاء «الشاعر» الذي ظهر في مقطع فيديو متداول وهو يسمح لابنه - صغير السن - بقيادة سيارة على إحدى الطرقات، وإحالته لهيئة الفصل في المخالفات والقضايا المرورية، لمخالفته.


أيضًا ظهر شخص آخر مع طفله، والطفل يتعلق بمقود السيارة، يتمنطق بمسدس، والأب بكل استهتار يحث ابنه على استخدام هذا السلاح ضد من لا يعجبه، لتؤكد شرطة منطقة الرياض أنها قد استوقفت هذا الوالد الأرعن.
لا نقول إن هذه النماذج السيئة هي الوحيدة الموجودة، فهناك آلاف المقاطع الكوميدية أو التي تحمل نصائح مفيدة طبيًا واجتماعيًا، لكن لا نستطع تجاهل كثرة هذه المقاطع، وتفشي حالة الاستعراض الأجوف، والمبالغة أكثر في كل مرة لجلب الانتباه، وقديمًا قيل في الأمثال العامية المحلية عن هذا النمط من الباحثين عن الشهرة بأي ثمن: «ربي اظهرني ولو بخزية!».


حسب تقرير أعده فريق شركة تسوق السعودية حول معدلات استخدام السعودي لمواقع التواصل الاجتماعي خلال ثلاث سنوات، فإن عدد مستخدمي الإنترنت قفز من 8.5 مليون مع نسبة دخول تقدر بـ60 في المائة خلال عام 2013 إلى 12.3 مليون مستخدم مع نسبة دخول تقدر بـ82 في المائة خلال عام 2014، ولك أن تتخيل السنين المقبلة.
هذا أمر لا يمكن منعه، لكن يمكن إصلاحه وضبطه، على الأقل، والبداية من بوابة القانون.
&