&منصور أبو العزم

تناثرت الأنباء والتقارير عن الخلافات بين مصر والسعودية مؤخرا.. وهى تقارير تغذيها دول وجهات ترغب فى الأساس فى فصم عرى الترابط القوى الذى يربط مصر بالسعودية، والشعب المصرى المتعلق بالأراضى المقدسة فى مكة والمدينة المنورة، ولا يخفى على أحد أن هناك الكثيرين من المتربصين الذين يسعون بكل جهدهم إلى وضع آسفين فى العلاقات المتينة بين البلدين أو القيادتين، فلن ينسى السعوديون ما قدمته مصر فى الماضي، كما أن المصريين لن ينسوا للمملكة وقوفها إلى جانبهم منذ حرب أكتوبر 1973 وحتى الآن، خاصة بعد 30 يونيو 2013، والأزمة الاقتصادية التى تواجهها مصر حاليا.

ولن نتحدث عن الأرقام، سواء كانت 40 مليارا أو أقل أو أكثر، يكفى الدعم السياسى والمعنوى الذى قادته المملكة لمصر خلال العامين الماضيين، وهو ما غير الكثير من مواقف بعض الدول أو خفف من حدة مواقف البعض الآخر تجاه مصر بعد 30 يونيو.

وأظن أنه من الطبيعى أن دولتين قيادتين فى منطقة الشرق الأوسط، بحجم مصر والسعودية، لابد أن يكون هناك اختلافات فى الرؤى أو التوجهات حول القضايا الإقليمية، وهى اختلافات فى الرؤى وليست خلافات.. وإذا كان الموقف بشأن سوريا الذى تفجر فى مجلس الأمن منذ أيام هو الذى غذى شائعات الخلاف بين مصر والسعودية، ويحاول المتربصون استغلاله لدفع القاهرة والرياض كل فى طريق، فإنه خلاف ليس جديدا وتعرف الرياض موقف مصر منذ فترة طويلة، كما تدرك القاهرة موقف المملكة. ولا أتصور ـ كما يحاول البعض الترويج ـ أن المملكة قررت وقف الإمدادات البترولية لمصر بسبب موقف مجلس الأمن، وكلنا يعرف أن السعودية تواجه تحديات اقتصادية صعبة منذ انهيار أسعار النفط فى الأسواق العالمية، وتتخذ إجراءات تقشفية قوية، لأنها أكثر رشادة ونضجا من أعمال «صبيانية» انتقامية تتخذها ضد حليف عربى قوى وشقيق مثل مصر. ويحاول المتطرفون فى مصر والسعودية رفع راية «القومية» والعصبية وادعاء البطولة، القول بأنه «ولا يهمنا.. فليذهب الطرف الآخر إلى الجحيم»، هؤلاء هم الجهلة الذين يفسدون كل شيء.. ومصر والسعودية لن يقودهما الجهلة أو تصغيان إلى مثل هذه الأقوال غير الواعية بتاريخ البلدين، ولا حاضر الأمة!