هنري ماير وايليا ارخيبوف ونيك وإيدام*

أكد مشرعون روس بارزون، أن الرئيس فلاديمير بوتين عازم على تحقيق مكاسب في ساحات القتال في سوريا قبل أن يتولى رئيس أميركي جديد السلطة في يناير المقبل. وتواصل روسيا هجوماً يستهدف الاستيلاء على حلب التي تفرض فيها قوات مدعومة من موسكو حصاراً على المدينة.

وفي الوقت نفسه، تبحث الولايات المتحدة وحلفاؤها تعزيز إمدادات الأسلحة لقوات المعارضة السورية التي تتصدى لقوات الرئيس بشار الأسد. ورفض الكرملين الضغوط من أجل وقف قصف حلب التي يتعرض فيها 250 ألف مدني لحصار تصفه جماعات الإغاثة والأمم المتحدة بأنه كارثة إنسانية.

والصراع يدور في سوريا منذ خمسة أعوام ونصف العام، وأودى بحياة أكثر من 300 ألف شخص. وتتزايد احتمالات أن يتحول إلى حرب بالوكالة بين روسيا والولايات المتحدة، وأيضاً بين أطراف إقليمية.

وصرح ديميتري سابلين العضو في لجنة الدفاع في الغرفة الأدنى من البرلمان الروسي، بأن «تحقيق كامل السيطرة على المدينة ليس إلا مسألة وقت». ويؤكد سابلين الذي زار سوريا مراراً، واجتمع مع الرئيس السوري بشار الأسد أن بوتين سيكسب المزيد من القوة التفاوضية قبل أن يتعامل مع خليفة الرئيس باراك أوباما. وأضاف «سابلين» أن النتيجة ستتوقف على مدى نجاح القوات السورية المدعومة من روسيا في قطع الإمدادات عن الجماعات الإرهابية التي تقاتل في حلب التي كانت أكبر مدن سوريا وعاصمتها الاقتصادية ذات يوم.

وتعهد بوتين في الآونة الأخيرة أن روسيا لن تخضع «للابتزاز والضغط» بشأن حملتها العسكرية في سوريا. واتهم الولايات المتحدة بإذكاء «هستيريا مناهضة روسيا»، بعد أن استخدمت موسكو حق النقض ضد قرار اقترحته فرنسا في مجلس الأمن الدولي في الثامن من أكتوبر الجاري يطالب بوقف آني للضربات الجوية الروسية والسورية في حلب.

واتهمت ماريا زخاروفا المتحدثة باسم الخارجية الروسية في الأيام القليلة الماضية المعارضة السورية باستخدام المدنيين المحاصرين في حلب كدروع بشرية. والقصف الجوي السوري لحلب لم تخف حدته إلا قليلاً بعد موجة عقابية من الضربات امتدت من نهاية سبتمبر إلى بداية أكتوبر. وصرح نشطاء من المعارضة بأن هذه الموجة قتلت مئات المدنيين ودمرت مستشفيات.

وأكد فرانتس كلينتسفيتش نائب رئيس لجنة الدفاع والأمن في الغرفة الأعلى من البرلمان الروسي، أنه بمجرد الاستيلاء على حلب سيكون الهدف التالي هو المعقل الآخر المتبقي للمعارضة في مدينة إدلب الواقعة في شمال غرب البلاد، مما يفرض سيطرة الحكومة على كل المراكز الحضرية الكبيرة في سوريا، ما عدا الرقة التي أعلنتها داعش عاصمة لها.

وصرح الأسد في مقابلة مع صحيفة كومسومولسكايا برافدا الروسية في الآونة الأخيرة، بأن الاستيلاء على حلب سيكون نقطة انطلاق إلى مناطق أخرى «لتحرير مناطق أخرى من الإرهابيين». وأدى تدخل روسيا في سوريا العام الماضي إلى دعم موقف الأسد، بعد أن واجه احتمال التعرض لهزيمة.

ويعتقد فيودور لوكيانوف رئيس مجلس السياسة الخارجية والدفاع، وهو مركز بحثي يقدم النصح للكرملين ومقره موسكو، أن روسيا حريصة على الإسراع بتحقيق مكاسب في سوريا قبل أن يكون لدى الولايات المتحدة وقت لمحاولة إفساد هذه المكاسب.

ويبدو أن الولايات المتحدة تبحث وسائل لتقديم المزيد من الأسلحة للمعارضة عبر حلفاء، مثل تركيا لمساعدتهم في الدفاع عن أنفسهم. ويرى دبلوماسي أوروبي أن الهدف هو تغيير التوازن بين القوى على الأرض بإمداد المعارضة بأسلحة دفاعية متقدمة ليس من بينها قاذفات القنابل المضادة للطائرات المحمولة على الأكتاف. وكانت إدارة أوباما قد رفضت تقديم هذه القاذفات مخافةً أن ينتهي بها الحال إلى الوقوع في أيدي مقاتلي داعش، أو جماعات متشددة أخرى.

ويعتقد أنطون لافروف المحلل العسكري الروسي المستقل أنه في ظل أرض معركة تدور في منطقة حضرية بها مبان مرتفعة، وما بين خمسة إلى ثمانية آلاف مقاتل من المعارضة مقابل ما لا يزيد إجمالاً على 20 ألف مقاتل من الجيش السوري و«حزب الله» ومقاتلين شيعة مدعومين من إيران، فإن «المهمة صعبة». وأضاف أن روسيا تأمل أن تضطر المعارضة للاستسلام في نهاية المطاف في ظل حصار شبه كامل مفروض على المدينة منذ بداية سبتمبر.

*صحفيون أميركيون

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست بلومبيرج نيوز سيرفس»