مع إنترنت الأشياء لن يستغرق الأمر كثيرا من الوقت حتى يُسيطر أحد القراصنة على ملايين الأجهزة ويحولها إلى جيش من أجهزة الكمبيوتر المُصابة بالفيروسات، القادرة على مهاجمة أي هدف.

ميشا جليني 

الأمن الإلكتروني لا يتعلق بالآلات، بل يتعلق بمحاولة الحؤول دون وقوع الناس ضحية لما يسمى الهندسة الاجتماعية – الإقدام على أمور سخيفة، عن قصد أو من غير قصد، من خلال أجهزة الكمبيوتر. فما يصل إلى 90 في المائة من الهجمات الإلكترونية تحدث لأن مستخدمي أجهزة الكمبيوتر مشغولون وساذجون في آن معا، وهو مزيج قاتل. فهم يفتحون ملفات ينبغي لهم عدم فتحها. وينقرون على روابط مثيرة للشبهة. ويضعون بياناتهم الشخصية على وسائل الإعلام الاجتماعية. ويستخدمون الأجهزة الشخصية للوصول إلى ملفات العمل.

في الآونة الأخيرة، نحو 40 ألفا من زبائن مصرف تيسكو في المملكة المتحدة أصبحوا أحدث ضحايا الهجمات الإلكترونية. فقد تمت سرقة أموال من نصفهم تقريبا. وسرقة الأموال، فضلا عن سرقة البيانات، توجد مصدر قلق جديدا بالنسبة للمؤسسات المالية. فإذا أصبحت شائعة، قد يشعر الزبائن بالخوف على نحو يدفعهم للابتعاد عن منصات الخدمات المصرفية عبر الإنترنت.

وعلى الرغم من العناوين التي تتصدر الصحف، أعطت صناعة الأمن الإلكتروني أولوية لتطوير تكنولوجيا مكلفة وفضلتها على تعليم الناس كيفية حماية أنفسهم. تقريبا كل المبلغ الذي يصل حجمه إلى تريليون دولار، المتوقع إنفاقه عالميا على الأمن الإلكتروني، سيذهب على الدفاعات الرقمية، بحسب شركة سايبرسكيوريتي فينتشرز للأبحاث.

نتيجة لذلك، معظم الشركات أصبحت تشبه قصرا مزودا بأجهزة أمنية - كاميرات سي سي تي في، وأسلاك شائكة كهربائية، وكلاب بوليسية. هذه تحمي من كل شيء باستثناء أكثر الأشرار تصميما. مع الأسف، طالما يستمر الساكنون في السماح بدخول أي غريب مار عبر الباب الأمامي، فإن هذه الحماية تعد مضيعة للأموال. الذين يتعرضون للخداع ليسوا فقط الموظفين تحت الدرج. سيد وسيدة القصر (الجناح التنفيذي) أيضا يجهلون أساسيات النظام الأمني الفعال.

من الصعب للغاية تدريب الناس على الأمن الإلكتروني. المهووسون والمستشارون في مجال الأمن يستخدمون لغة غير مفهومة. لكننا بحاجة إلى أن نعرف عن هذا لأننا أكثر الناس تعرضا للضرر.

التواصل هو الفشل الأكبر لصناعة الأمن الإلكتروني. إذا لم يتحسن التواصل، وواصلنا نحن البشر تجاهل السلامة الإلكترونية الجيدة من خلال الجهل، فإن حجم وتأثير الهجمات سينمو.

هذا كان عاما جيدا بالنسبة للمخالفات الإلكترونية. الانتخابات الرئاسية الأمريكية تخللتها اختراقات وخلافات حول رسائل البريد الإلكتروني، في حين عانت أوكرانيا هجوما على شبكتها الكهربائية؛ أول هجوم مؤكد ناجح على بنية تحتية كبيرة في أحد البلدان.

الإعلان عن الاستراتيجية الوطنية للأمن الإلكتروني في المملكة المتحدة هو اعتراف مرحب به بخطورة الوضع. بريطانيا الآن تملك مركز الأمن الإلكتروني الخاص بها لتنسيق الردود على التهديديات وتوعية المؤسسات والشركات والأفراد.

ومن المفارقات أن البيئة الإلكترونية بالكامل على وشك أن تتغير بشكل عجيب والآلات سوف تسيطر أخيرا. ليس بالضرورة بطريقة جيدة.

نحن في بداية المرحلة التالية من الثورة الرقمية: إنترنت الأشياء. حينها سيكون بإمكاننا تشغيل الغسالات عن بعد وكذلك أجهزة الإنذار ضد السرقة، من خلال الأجهزة الخليوية. لكن إذا كان بإمكاننا الوصول إلى آلاتنا عن بعيد، كذلك يستطيع القراصنة. في الآونة الأخيرة صدر تقرير يقدم تفاصيلا حول كيف تمكن قراصنة من التحكم عن بعد في سيارة جيب شيروكي من خلال استغلال نقطة ضعف في نظام الترفيه فيها.

كاميرات سي سي تي في، وآلات بيع الشوكولاتة، وأنظمة التدفئة المركزية، تحتوي على أجهزة كمبيوتر عرضة للإصابة ببرمجيات خبيثة. ولا يتطلب الأمر كثيرا من الوقت كي يسيطر أحد القراصنة على ملايين الأجهزة ويحولها إلى جيش من أجهزة الكمبيوتر المصابة بفيروسات، والقادرة على مهاجمة أي هدف. هذا هو الجانب السلبي لإنترنت الأشياء.

دعونا نعود إلى ذلك القصر المحصن، المزود الآن بمبتكرات التكنولوجيا الفائقة. لم يعد الموظفون يفتحون الباب الأمامي، هذا يتم من قبل جهاز كمبيوتر يعمل بنظام فحص أمني يدقق على الزائرين. مع الأسف، تلك الستائر الجديدة العقيمة التي تغلق نفسها عندما يتلاشى النور تم إخبارها سرا أن تفتح الباب عندما يظهر شخص غريب.

من المريح تشغيل التدفئة في الكوخ الريفي حين تكون أنت في سيارتك على الطريق العام M4، لكن يمكن أن ينتهي بنا الأمر إلى إشعال حريق. صناعة الأمن الإلكتروني تواجه نوعين من التحديات الضخمة: توعية الناس وتأمين الأشياء الخاصة بهم.