غسان حجار

وجّه وزير العدل المستقيل أشرف ريفي قبل ايام كتاباً إلى رئاسة مجلس الوزراء يتعلق بإجراء الإنتخابات النيابية الفرعية في طرابلس، جاء فيه: "لما كان المقعد النيابي في طرابلس عن الروم الأرثوذكس قد شغر بفعل استقالة السيد روبير فاضل، ولما كان المقعد النيابي في كسروان عن الموارنة قد شغر بفعل انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، ولما كانت المادة 41 من الدستور أوجبت الشروع في انتخاب خلَف خلال شهرين من تاريخ خلوّ المقعد النيابي طالما أن المهلة التي تفصل الشغور عن نهاية ولاية المجلس تزيد عن ستة أشهر، وانطلاقاً من مجمل ما سبق بيانه، فإننا نطلب اتخاذ الإجراءات الآيلة إلى إتمام الإستحقاق الإنتخابي بأسرع وقتٍ ممكن إنفاذاً لأحكام الدستور واحتراماً لإرادة الناس".

لكن طلب الوزير ريفي لن يقابل الا بتجاهل وباجتهادات قانونية تبيح ابقاء الوضع على ما هو من دون اجراء انتخابات فرعية قد تشكل انتكاسة للعهد بشقيه العوني والحريري. فالطرفان يحتاجان الى مزيد من الوقت لترتيب امورهما.


في كسروان ابرز مرشحي العهد هو العميد المتقاعد شامل روكز. لكن الارضية التي سمحت للعماد ميشال عون القادم من حارة حريك الى جونية لن تكون متوافرة لسواه خصوصا ان روكز ليس من المنطقة ايضاً، وقد يثير ترشحه حساسيات مناطقية. ولا تعكس نتائج الانتخابات البلدية الواقع، اذ تداخلت فيها عوامل كثيرة متحركة. اضف الى ذلك عاملين اساسيين: الاول عدم رضى التحالف العوني - القواتي عليه بسبب موقفه من هذا الاتفاق، ومن رئيس حزب "القوات" تحديدا. والثاني انه لا يحمل بطاقة انتماء الى "التيار الوطني الحر"، وهو ما يدفع محرضين الى اقناع من يعنيهم الامر بأنه يريد خلق حيثية مستقلة قد تشكل خطرا على "التيار". واذا كان البعض يرغب في اسقاطه انتخابياً، الا ان تلك الخسارة، اذا ما حصلت، تشكل انتكاسة للعهد في المنطقة الاكثر مسيحية، وبالتالي فانه من المفضل ارجاء الاستحقاق.


اما في طرابلس، فتنبع دعوة ريفي من شعور بفائض القوة الذي تولّد في الانتخابات البلدية والذي يمكن ان يستغله حاليا قبيل انطلاقة الحكومة الجديدة وتمكّن الرئيس سعد الحريري من اعادة تجميع قواه وقيامه بتحالفات انتخابية لا تتيح للوزير ريفي حرية الحركة بشكل كبير، بل تسعى الى محاصرته. ولا يجد "تيار المستقبل" ضرراً في تأجيل الاستحقاق منعاً لاحراجه سياسيا ومالياً، ودفعه الى تحالفات يرغب في تأخيرها لدرس ايجابياتها وسلبياتها، وليتمكن الرئيس الحريري من تسلم دفة الحكم، وتقديم خدمات تعيد لم الشمل. وهذا كله سابق لأوانه.


لذا لن تكون دعوة الوزير ريفي إلا تسجيل موقف وصرخة في واد، لأن التركيز يتم حاليا على الانتخابات الشاملة، ولا ضرورة للتلهي بمقعدين ولو على حساب الدستور.