الياس الديري

مبروك، بصيغة الجمع والمفرد. لقد نادى المنادي، وسمعت الشعوب المتناثرة في "القارة اللبنانيّة" أن مؤشِّر تأليف الحكومة الحريريَّة استعاد انتعاشه. فانتعشت الجماهير الغفورة، وسرت قشعريرة الانتعاش بين الناس المقهورين الذين ضاقوا ذرعاً بالفراغات وصانعيها، من مباشرين و"مستورين".

الرئيس سعد الحريري هو الذي بشَّر الشعوب اللبنانيّة أنه عاد مرتاحاً للغاية من عين التينة حيث تُصنع الحلول والتوافقات عادة، مشيداً بالخواتيم القريبة بعدما وضع الرئيس نبيه برّي ثقله في "الطبخة الحكوميّة".
وجوه الرؤساء الثلاثة والمقرّبين منهم تكاد تحكي، وتعلن عن فرحها بعد ارتفاع الأسهم الإيجابيَّة في بورصة المشاورات التأليفيَّة.


والمساعي مستمرَّة لتقريب موعد إعلان النبأ الذي ينتظره اللبنانيّون وكبار المسؤولين في الدول الشقيقة التي لم تكتم فرحتها بمغادرة لبنان مربّع الفراغات المتلاحقة، وحيث يكاد الفراغ يغدو مثلاً قريباً من الربع الخالي...
ليست المسألة الحكوميّة مجرّد مجموعة صغيرة من الخلافات والمنافسات تدور حول "الحقائب السياديّة"، إنّما هي أبعد بكثير. من دون تفريغ هذه الحقائب من "أهمّيتها"، وتعلُّق كثيرين بهواها وغرامها... نظراً إلى حاتميَّة كرمها. وما تجود به يثير الدهشة أحياناً. بل يجعل الغيرة تنفرش على الطرق كأنّها سجاد عجمي من فئة الحرير.


ومَنْ مِنَ السياسيّين، أو الصحافيّين، أو الناس العاديّين لا يعلم بما تجود به بعض الحقائب، بعدما ظهرت معالم التغيير الكبير، ومعالم "السياديّة" على الذين ربحوا ورقة الحقيبة التي تتجاوز بأرقامها كل جوائز اللوتو واليانصيب في لبنان وأوروبا وأميركا؟
فكيف، والحال هذه، لا يجنُّ جنون "السياديّين" في سبيل الاحتفاظ بهذه "السياديّة" أو تلك؟
أجل، هذا الموضوع "السيادي" وأبعاده، وأسراره، وأقراص العسل التي يجود بها، ليس هو موضوع اليوم، ما دامت العصي قد سحبت من عجلات حاضنة الحكومة التي يُفترض أن ترى النور في يوم وليلة... أو ليلتين ثلاث.
ما يهمّ الناس في الدرجة الأولى أن تتألّف الحكومة وتنال الثقة، ويبدأ عهد الرئيس ميشال عون رحلته مع سلسلة من وعود التغيير والإصلاح والتجديد أخذها على عاتقه، ووعد اللبنانيّين بنفض الدولة المهلهلة، وتنظيف المؤسَّسات والإدارات والمجالس والدوائر من الفساد والفاسدين، وتحقيق مرجعيَّة القانون والمساواة بين الجميع، كما في العقاب والثواب.


نعلم جيَّداً أن ورشة قانون الانتخاب جاهزة لاحتلال الصدارة فور نيل الحكومة الثقة، إلّا أن هذا لا يؤجَّل أو يُلغي ذاك: سيُطالب الناس العهد بالإصلاح والتغيير كلّما دق الكوز بالجرّة.