سونر چاغاپتاي

من المرجح أن يؤدي الهجوم الذي شهدته منطقة السلطان أحمد في إسطنبول، العاصمة المالية لتركيا، في وقت سابق من الشهر الماضي، إلى تشديد عزيمة أنقرة ضد "داعش" أكثر من إمكان أن يؤدي إلى ردعها عن خطط تكثيف التعاون مع التحالف الذي يُحارب "داعش"، من أجل تعزيز حماية الحدود التركية مع شمال غرب سورية، إذ يسيطر التنظيم على أراض تمتد إلى نطاق 60 ميلا تقريبا، وبعمق20 إلى30 ميلا معروفة باسم "حزام أعزاز- جرابلس" أو "كيليس- سيرابلس في تركيا".


ولكن يبقى السؤال المطروح هو حول درجة الفاعلية التي يمكن لتركيا خلالها إغلاق هذه الحدود الطويلة مع تنظيم داعش وحمايتها.


في الواقع، تعدّ الأراضي الواقعة شمال غرب سورية، وفي "حزام أعزاز- جرابلس" على وجه التحديد، من الأراضي الأثمن في البلاد، فضلا عن أنها بوابة لحلب -أكبر مدينة في سورية قبل الحرب الأهلية، وموقع إستراتيجي مطلوب جغرافيا في الحرب- وعلى هذا النحو، تُشكل هذه المنطقة موضع خلاف بين "وحدات حماية الشعب" التابعة لـ"حزب الاتحاد الديمقراطي"، وقوات الأسد المدعومة من روسيا، و"جبهة النصرة" التابعة للقاعدة، وكذلك تنظيم داعش، والثوار المدعومين من تركيا.


إن الطريقة الأكثر فاعلية لمراقبة منطقة أعزاز- جرابلس الحدودية هي ضمان تعبئة الجانب السوري بالقوات الصديقة لتركيا، أو على الأقل تلك المناهضة لتنظيم داعش. ومن الجماعات المحتملة في هذا الإطار التركمان السوريين، الذين يرتبطون عرقيا بالأتراك، ويتم تدريبهم من تركيا كقوة قتال في شمال غرب سورية.


ويمكن لهذه المنطقة أن تخدم أغراضا متعددة، مثل توفير مزيد من الأمن الشخصي للفارين من الحُكم الهمجي للأسد، وأن تشكل منطقة انطلاق للقوات المناهضة للأسد، ومنطقة للحد من تدفق اللاجئين إلى تركيا، ثم إلى أوروبا.
وستلقى فكرة إنشاء منطقة صديقة لتركيا الدعم في البلاد الأوروبية التي تشعر بالفعل بالضغط المتزايد، بسبب اللاجئين السوريين الوافدين.


فمن شأن مثل هذه المنطقة أن تعترض أيضاً نقل الموارد إلى "داعش"، وبالتالي إضعاف هذا التنظيم.


إن خلق هذه المنطقة سيثبت للشعب التركي والدول الحليفة أن أنقرة جادة في هزيمة "داعش" حتى في الوقت الذي تواصل سعيها إلى اتخاذ إجراءات أقوى ضد نظام الأسد.


إن تعزيز أمن المطارات التركية أعاق بالفعل عمليات تجنيد المقاتلين في "داعش" وسفرهم، لدرجة أن التنظيم دعا إلى القيام بعمليات في أماكن أخرى -على سبيل المثال في باريس وكاليفورنيا وجاكرتا- بدلا من مواجهة عمليات اعتراض أو إلقاء القبض على عناصرها عن طريق السفر إلى سورية عبر تركيا. وبالتالي، عكس الهجوم على إسطنبول محاولة لثني تركيا عن المضي قدما مع واشنطن في جهودها لإغلاق الحدود والاستيلاء على حزام أعزاز- جرابلس من يد تنظيم داعش. لكن، من المرجح أن يكون داعش شدد من عزم القيادة التركية للقضاء على التنظيم، لأنه يشكل تهديدا للتقدم الاقتصادي والأمني في البلاد.