&بينة الملحم

&في قصة العملية الإرهابية الداعشية الوحشية الأخيرة التي استشهد فيها وقتل ستة أفراد من عائلة واحدة قريبهم الجندي الذي يعمل بقوات الطوارئ وتكرارها أظن أكثر تساؤلاً هو كم داعشي بات بيننا وكم هم القابلون للاستدعاش!

تكوّن الفرد الإرهابي - لا يحدث بين يوم وليلة، وإنما يعيش ويكمن في وجدان الإنسان أولاً، ثم يترجمه إلى سلوك وأفعال وممارسات ثانياً، وما بين الحالتين، قد يمر زمن طويل أو قصير يتوقف على طبيعة الإنسان وعلى ظروف وعوامل التنشئة الأسرية والدراسية والعملية المحيطة به، أو البيئة التي يعيش فيها، وفضلاً عن تشكّل عوامل غير مقصودة تساهم في تحوّل الفرد السوي إلى إرهابي، فهناك مسببات وعوامل مخطط لها ومقصودة.

ولأن المكافحة الفكرية للإرهاب أصعب بكثير من المكافحة الأمنية وإلا بماذا تُفسّر قدرة تنظيم كداعش ليس له رؤوس في وضح النهار على استدراج هؤلاء الشباب وإقناعهم بهذه السهولة والوحشية باستهداف تجاوز أهل الذمة والعهود كما كانت ترفع شعاراته الجهادية زمان تنظيم القاعدة إلى استهداف أهلهم ووطنهم ومواطنيهم ورجال أمنهم من المسلمين!

الخطورة أن الفكر الإرهابي الذي استطاع التسلل وبكل أسف بالغ لم يكن وسيلة واحدة ولا فكرة واحدة بل هو ظاهرة بأكملها استطاعت أن تحاصر أكثر من مؤسسة اجتماعية لعقود من الزمن واستطاعت أن تمرر عبر أخطر مؤسسات المجتمع التعليم والدعوة والإعلام أجندة فكرية وسياسية غيّرت المفهوم المعتدل لفكرة الدعوة إلى الله حيث قاموا وبلا اكتراث بتمرير كل وسائل الدعوة النقية إلى الله لتصبح وسائل لتسييس الدين ذاته وهو مايعبّر عن مفترق طرق مهم كشفته أحداث الثورات الدموية من دعاة السياسة والفتن والثورات والتغيير وعبر أكثر من وسيلة.

حينما نتحدث عن تسييس الدين وخطورة محاصرة الفكر المتطرف والإرهابي لمؤسسات التعليم بالذات كونها أخطر المؤسسات لتماسها مع أكبر فئة في المجتمع وإعداده وتكوينه وتأثير نواتج ذلك سلباً أو إيجاباً على أمننا الوطني لأن ذلك يعني وبكل صراحة الإعداد لمجتمع ثائر فكرياً وثقافياً وهذا ما يفسر سهولة السيطرة على عقول عدد من شباب المجتمع وتجاوز الأمر جرّهم لمواطن الإرهاب إلى تفخيخ أجسادهم وعقولهم واستهداف وطنهم وأهلهم!