&خالص جلبي

ما يحصل في المنطقة العربية حيث جنون الحرب والوباء الطائفي والجذام الحزبي يصيب من يريد أن يرى أن ليست ثمة إحداثيات في الرؤية فيصاب بالدوار. وأذكر من صديق الفكر إدريس المغربي كيف كان متحمساً لفكر اللاعنف، ثم كب على وجهه مع سراب المدعو «نصر الله» اللبناني، ثم انقلابه مجدداً ضده حين رآه يفتك قتلًا بالأطفال السوريين، والمسألة كما جاء في قول منسوب للمسيح، عليه السلام، أن من أخذ السيف بالسيف يهلك، وهو ما حصل لنصر الله ومآله وكل من سار على دربه العاثر.

ونحن في الطب نمارس في المشافي العلاج بشكليه المحافظ الروتيني من إعطاء الدواء كما نمارس أيضاً الجراحة، وكذلك الحال في ظاهرة السلم والحرب. ولكن على القارئ أن ينتبه إلى أن قاعات العمليات الجراحية في مشفى يحوي 600 سرير يكون عددها ست قاعات للعمليات الجراحية أي واحدة لكل مئة سرير. وكذلك هي ظاهرة الحرب واستخدام القوة، إذ يجب أن تكون هي آخر الحلول.

منذ ظهر تنظيم «حزب الله» باسمه الذي انتحله، تذكرت سفرتي إلى طهران في مناسبة شهر بهمن (فبراير) الذكرى الثانية للثورة الإيرانية. كنت مأخوذاً بنهجها السلمي في إسقاط الشاه. وكان رشيد الجزائري يصرخ في التلفون أن الثوار أمسكوا بالسلاح، فهم يقاتلون الحرس الشاهنشاهي؟ لم أستوعب فكرته تماماً لأن قدر الانسجام الفكري بيننا كان كبيراً حتى انشق فأصبح الرجل اليوم من دعاة التشيع، وأخذ لقب «مستبصر»، بعد أن كان التلميذ رقم واحد للمفكر الجزائري مالك بن نبي. ورجعت من طهران يومها وقد غسلت يدي منهم سبعاً إلى المرافق. وحين ظهر «نصر الله» كتبت مقالة نشرت في جريدة «الشرق الأوسط» على جزأين، الأول مقارنة بين المدعو «نصر الله» والشقي «بانشو فيا»، المكسيكي، والثانية مقارنة بين السياسي «نصر الله» والفيلسوف الألماني فيرنر هايزنبيرج. وكما في سوق العملات وانهيار أسعار النفط كذلك الحال مع «حزب الله» أو حزب الشيطان أياً ما تدعو فهذا هو قدر الأنتروبيا (التحول) يأكل الدول والمنظمات فيسحقهم الموت ولايبالي.

قلت لصديقي المغربي إدريس اليوم يقاتل «حزب الله» إسرائيل، وغداً سيقتل السوريين. وهو ما نراه اليوم حين يقول «نصر الله» إن طريق القدس يمر من الزبداني ومضايا؟ يومها ذكرت جملة عجيبة، فقلت لو حصل تمرد في يبرود أو جيرود فسيكون «حزب الله» من يقمعه وهو ما حصل في معركة القلمون.

وينسب للمسيح قوله إن من أخذ السيف بالسيف يهلك، وهو ما انتهى إليه «حزب الله» اليوم، فظهرت حقيقته، وانكشفت عورته، ولعنته معظم حكومات العرب في مؤتمر مطلع مارس 2016، واكتشف كثيرون أنه سراب ومنظمة إرهاب.

قلت لمفكر لبناني في أكتوبر 2015 حدثت موقف غريب في كندا باعتلاء المنبر امرأة تخطب في صلاة العيد! قال لي حصل ما هو أفظع حين انفرد الإيرانيون في عرفات في يوم خاص بهم خارج إجماع المسلمين.

هل نستوعب درس التاريخ لفهم الكيفية التي تفترق بها بعض الأديان إلى أديان أصغر ويتابع الانشطار طريقه كما يقول ابن خلدون تدريجياً فلا يفطن له إلا الآحاد من الخليقة، ليتشكل دين جديد مستقل بذاته كما في ولادة اللغات البشرية، وبمقارنة بسيطة بين الألمانية والفرنسية والإسبانية لجس بعض المفردات نعرف تماماً أنها ولدت من رحم واحدة. وهكذا تتشقق بعض الأديان لتبزغ أديان جديدة كما هي الحال بين البروتستانت والكاثوليك والسريان والأرمن والأقباط، وكما هو الحاصل مع الشيعة والإسماعيلية والعلوية.