&مطلق بن سعود المطيري

&قرار انسحاب القوات الروسية الذي بدأ عملياً امس الثلاثاء، يعطي اشارات واضحة ان موسكو بعد ان قامت بحماية بشار الاسد عسكريا، جاء دور حمايتها له سياسيا، فالكرملين لم يدخل سورية عسكريا قبل 7 شهور الا من اجل حماية النظام من السقوط، وتجاوز جميع الضغوط المطالبة بسحب قواته، فوجود نظام بشار في الحكم موقف ثابت لموسكو، فكيف يمكن أن يقرأ قرار الانسحاب وآثاره التفاوضية على نظام سورية؟

موسكو دخلت سورية عسكريا لتحسين شروط النظام التفاوضية والقضاء على القوى الثورية المعارضة، وشل حركتها المتجهة نحو دمشق، فنجحت في الاثنين، ولكنه نجاح يتطلب ان تستمر موسكو باستخدام آلتها العسكرية للقضاء على كل من يعارض النظام، أي ان يستمر الوجود العسكري الروسي لسنوات قادمة، بدون وجود أي فرصة للحل السياسي، فأن تجعل موسكو وجود قواتها امرا مرهونا بوجود شخص محدد، لا يعد سياسة تستحق كل هذا الجهد والتضحيات، فموسكو حمت نظام بشار الاسد من خطر إسقاطه عسكريا، فلم يعد الخطر الثوري بتلك القوة التي سبقت دخول القوات الروسية، والاعتماد على القوة العسكرية وحدها لن يدفع موسكو الا للتورط اكثر في الدم السوري بدون ان يوجد افق سياسي ممكن ان تقف قنابلها عنده، لذلك كان عليها ان تخلق هي هذا الافق السياسي المفقود، ووفقا لشروطها السياسية وليس وفقا لشروط بشار الاسد، فهذا تخلّ عن النظام ولكنه تخلّ يشبه الحماية، وإن كان المقصود حماية شخص واحد، وتخلّياً عن شروط بشار لصالح الشروط الروسية، فما هي شروط موسكو؟

موسكو لا تريد ان يكون هناك تمثيل ولو كان رمزياً للقوى التي تعتبرها متورطة في عمليات ارهابية، والتي ترى ان خطرها سوف يصل لأراضيها، الا ان الامر اعترضه موقف جديد يتمثل بموقف الجيش الاسلامي، ولهذا يجب ان تقرأ سياسة المملكة في تشكيل حلف عسكري للقضاء على الارهاب، وإعلانها صراحة انها سوف تحارب الارهاب في كل أرض ومن ضمنها سورية، فجدية المملكة في هذا الاتجاه حملت موسكو على مراجعة حساباتها، فاستخدام الارض السورية لم يعد حكرا على القوات الروسية، فهناك قوة عسكرية قامت بتدريبات وصفت بأنها الأكبر في المنطقة، ومحاربة الارهاب قضية مشروعة دوليا، ووجود جماعات ارهابية في سورية ايضا قضية مثبتة، فعلى إثر هذا العمل فالاكيد ان موسكو سألت نفسها هل سوف تتعاون مع الجيش الاسلامي، أم ان حماية نظام بشار الاسد سوف يدفعها لمواجهته؟

فإعلانها الانسحاب يؤكد انها فضلت حماية بشار سياسيا وليس عسكريا وفقا لشروطها وليس لشروطه، فإقرار فترة انتقالية للحكم لن يكون بها بشار كشخص ولكن يبقى كنظام الى حين، قد يكون خيارا جيدا لموسكو بعد إعلانها الانسحاب العسكري من سورية.