يوسف الشريف

كشف نائب في حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، أن الخارجية الأميركية حذرت محافظ غازي عنتاب من مخطط لهجوم انتحاري يشنه تنظيم «داعش» ويستهدف مديرية الأمن، ما دفع لاتخاذ تعزيزات أمنية خففت من أضرار الهجوم الذي أودى بحياة رجلي شرطة وجرح 22 آخرين. وقال النائب محمد أردوغان إن «هدف داعش كان الوصول إلى مركز مديرية الأمن وقتل حوالى 400 عنصر، وفق الرسائل النصية الهاتفية التي رصدتها الاستخبارات الأميركية».

ويعكس هذا المخطط مدى تدهور العلاقة بين «داعش التركي» والسلطات التركية، خصوصاً أن «داعش» تجنب في هجماته داخل الأراضي التركية استهداف أي موقع أمني أو رسمي واقتصرت هجماته على السياح الأجانب والتنظيمات الكردية اليسارية. لكن يبدو أن الصورة بدأت تتغير بعد عمليات الأمن في الشهور الثلاثة الأخيرة التي شملت حملة مداهمات واعتقالات لعشرات اتهموا بعلاقة مع تنظيم «داعش»، فيما صعد التنظيم من إطلاق صواريخ الكاتيوشا على مدينة كليس الحدودية القريبة من بلدة أعزاز السورية ما أدى إلى مقتل 19 شخصاً في الشهور الثلاثة الماضية.

في المقابل، أعلن الجيش التركي عن قتل حوالى 69 من عناصر «داعش» في شمال سورية بطائرات من دون طيار تابعة للتحالف الأميركي انطلقت من قاعدة إنجرليك، وبقصف صاروخي من الأراضي التركية، كما طلبت أنقرة من واشنطن تزويدها مدافع أميركية يصل مداها إلى 40 كيلومتراً لنشرها قرب الحدود وضرب أهداف لـ «داعش» بين جرابلس وأعزاز السوريتين. كما تسرع تركيا بناء جدار طويل على الحدود التركية السورية من أجل الحد من تسلل مسلحي «داعش» من سورية وإليها، ولا يكاد يمر أسبوع من دون إعلان الجيش القبض على مجموعة جديدة حاولت التسلل.

في المقابل، يؤكد نشطاء سوريون، أن يد «داعش» لا تزال فاعلة في عنتاب، وأن هناك ما يشبه «المافيا» التي تنشط من أجل تأمين دخول المزيد من العناصر إلى سورية، بعد استضافتهم في بيوت آمنة في عنتاب وتهريبهم عبر طرق سرية إلى جرابلس.

وعلى رغم اعتماد «داعش» على الأراضي التركية خلال السنوات الماضية لتعزيز حضوره في سورية ودخول المزيد من العناصر والحصول على احتياجاته الأساسية من سيارات ومعدات تكنولوجية، إلا أن العداء بين التنظيم وأنقرة لم يصل إلى هذه الدرجة من السخونة منذ أزمة رهائن القنصلية التركية في الموصل.

ويفصل المحللون الأمنيون بين «داعش» (التنظيم الأساس) وبين «داعش التركي» الذي يضم مئات الأتراك من أصل كردي ونفذ جميع الهجمات التي استهدفت تظاهرات كردية يسارية في الأشهر العشرة الماضية، سواء في سوروج أو أنقرة، وبين داعش التنظيم الأساسي الذي أرسل انتحارييه لاستهداف السياح الألمان والإسرائيليين في إسطنبول. ويؤكدون أن الحكومة أعلنت حرباً لا هوادة فيها على «داعش الكردي» وعلى المافيا التي تساعد «داعش» في سورية لتأمين تسلل المزيد من العناصر، لكنها لم تعلن حتى الآن حرباً حقيقية على «داعش» في سورية والعراق، بحجة الفيتو الروسي المفروض على الطيران التركي في الأجواء السورية، وأن صواريخ الكاتيوشا التي تسقط على جرابلس ما هي إلا إشارات إنذار يطلقها «داعش» إلى تركيا فيما بإمكانه قصف الأراضي التركية بأسلحة ثقيلة لو أراد.

وصواريخ الكاتيوشا تلك كانت على أجندة اجتماع الحكومة الذي استضافه الرئيس أردوغان وترأسه بنفسه، للبحث في إمكانية وضع سيناريو لتوغل عسكري محدود على الأرض في إعزاز لوقف قصف الكاتيوشا، بحيث تكون العملية بالون اختبار للفيتو الروسي على دخول تركيا مسرح العمليات في سورية، وهو قد يشكل جزءاً من أجندة لقاء أحمد داود أوغلو مع الرئيس باراك أوباما نهاية الأسبوع الجاري في واشنطن.

وفي اسطنبول (أ ف ب) أعلن وزير الداخلية التركي افكان آلا أمس ان منفذ تفجير السيارة المفخخة في غازي عنتاب الاحد مرتبط بتنظيم «داعش».

وقال للتلفزيون ان منفذ التفجير «عضو في منظمة ارهابية مرتبطة بداعش». وادى الاعتداء الى مقتل اثنين من رجال الشرطة واصابة 22 شخصا.

وقال المتحدث باسم الحكومة التركية نعمان كورتولموش أمس ايضاً إن بلاده أحبطت 85 «حادثا» محتملاً منذ كانون الثاني (يناير) الماضي بينها 49 حادثا يتعلق باستخدام قنابل.

وتحدث كورتولموش للصحافيين في أنقرة غداة تفجير غازي عنتاب.