&&محمد ياسين الجلاصي

انطلقت امس أعمال المؤتمر العاشر لحركة «النهضة» الإسلامية التونسية بعد افتتاحه أول من أمس، قرب العاصمة وسط حضور شعبي حاشد، بإشراف الرئيس التونسي الباجي قائد شخصياً نتيجة لإعلان الحركة نيتها الفصل بين العمل السياسي والنشاط الديني.

وقال زعيم حركة «النهضة» راشد الغنوشي، لدى افتتاحه المؤتمر، إن حركته «تطورت من السبعينات الى اليوم من حركة عقائدية تخوض معركة من أجل الهوية إلى حركة احتجاجية شاملة تدعو إلى الديموقراطية، الى حزب ديموقراطي وطني مسلم متفرغ للعمل السياسي».

وأوضح الغنوشي أن الحركة «تكرس بذلك التمايز الواضح بين المسلمين الديموقراطيين الذين هم نحن وبين تيارات التشدد والعنف التي تنسب نفسها ظلماً وزوراً الى الإسلام». وأضاف: «إننا جادون في النهضة والاستفادة من اخطائنا قبل الثورة وبعدها، ونعترف بها. نحن حركة تتطور ولا تستنكف من أن تسجل على نفسها اخطاء».

وشدد الغنوشي على حرص حركته «على النأي بالدين عن المعارك السياسية والتحييد الكامل للمساجد عن خصومات السياسة وعن التوظيف الحزبي حتى تكون المساجد جامعة لا مفرقة»، مستغرباً إصرار بعضهم على إقصاء الدين من الحياة العامة.

وأعرب الرئيس السبسي عن سعادته «بالتطور الذي شهدته حركة النهضة والذي تجلّى في الإقرار بضرورة العمل على التحول إلى حزب سياسي وطني ومدني يقطع مع الشمولية العقائدية واحتكار النطق باسم الدين وهو مشاع بين كل التونسيين».

ودعا السبسي، الذي استقبلته الجماهير النهضوية بالهتافات المؤيدة على غير عادة، الحركة إلى «التأكيد على أن النهضة أصبحت حزباً مدنياً تونسياً قلباً وقالباً، ولاؤه لتونس وحدها»، معتبراً أن الساحة السياسية التونسية تتسع لكل التيارات السياسية والفكرية.

وسيواصل حوالى 1200 من المؤتمرين أعمالهم السبت والأحد في مدينة الحمامات (60 كلم جنوب العاصمة)، ويُنتظر أن يُعاد انتخاب الغنوشي (74 سنة) رئيساً للنهضة لولاية أخيرة. وكان الغنوشي مؤسس النهضة (الاتجاه الإسلامي سابقاً) أُعيد انتخابه رئيساً للحركة في مؤتمرها الأخير عام 2012.

وقال الناطق باسم مؤتمر «النهضة» أسامة الصغير في تصريح إلى «الحياة» إن «مداولات المؤتمر طيلة يومي السبت والأحد ستتمحور حول تقييم مسيرة الحركة، وفصل النشاط السياسي عن النشاط الديني واقتصار الحزب على النشاط السياسي، إضافة إلى اجراء تغيير شامل على النظام الداخلي ليواكب التغيرات الكبيرة والجوهرية المرتقبة في النهضة».

إلى ذلك، انتخِب رئيس الوزراء السابق علي العريض رئيساً للمؤتمر الذي سيشهد أيضاً تقييماً شاملاً لمسيرة «النهضة» بخاصة في ما يتعلق بالفترة التي حكمت فيها البلاد (بين 2011 و 2013)، إضافة الى تغيير شامل للقانون الداخلي للحركة وانتخاب رئيس لها وتخلي الحزب عن العمل الدعوي الديني.

ويعتبّر انتصار العريض في انتخابات رئاسة المؤتمر مقابل هزيمة الوزير السابق عبد اللطيف المكي، أحد أبرز منافسي الغنوشي على زعامة الحركة، مؤشراً واضحاً إلى ضعف التيار المنافس للأخير، الذي يسعى إلى تقليص صلاحياته في انتظار خلافته في المؤتمر المقبل.