&&هشام الطرشي&

أعاد حادث اعتداء رئيس الحكومة على صحفي موقع "كُشك" الالكتروني، إلى الواجهة سؤال تمثُّله للإعلام ودوره وطبيعة العلاقة التي تربطه به باعتباره، من جهة، ثاني رجل في هرم الدولة المغربية، ومن جهة ثانية، "زعيم" حزب سياسي له وضعه وحجمه..

وإذا كان حادث اعتداء بنكيران على الصحفي الذي حاول أن يطرح عليه سؤالا بهدف تنوير الرأي العام وتمكينه من المعلومة الصحيحة ومن مصدر مسؤول، قد تجاوز ما دأب عليه رئيس الحكومة من "عنف لفظي" في حق وسائل الاعلام المغربية، إلى ممارسة "العنف المادي" من خلال دفع الصحفي بطريقة أقل ما يمكن أن يقال عنها أنها حاطَّة من مكانة ورمزية مؤسسة رئاسة الحكومة قبل أن تكون "محتقرة" للصحفي الذي يعتبر جسرا يضمن عملية التواصل بين الفاعلين وعموم المواطن، فإن ما بدر من رئيس الحكومة على مرأى ومسمع من وسائل الاعلام وشخصيات وازنة في الدولة يعتبر رسالة للموالين لبنكيران سياسيا وإيديولوجيا لنهج ذات السلوك "العنيف" مع كل من رأوا فيه طرفا مخالفا لفكرهم وإيديولوجيتهم، وهو ما يعني أن بنكيران يريد إدخال البلاد في حالة لا استقرار مجتمعي لا أحد يستطيع التكهن بمآلاتها.

الجميع يتذكر كيف "عَّـنـف" بنكيران خلال إحدى جلسات مجلس النواب، حين كان برلمانيا، صحفية بالقناة الثانية مطالبا إياها بمغادرة قاعة الجلسات بحجة أن لباسها "غير محتشم"، كما أن الجميع يتذكر حادث طرد الحبيب الشوباني حين كان وزيرا مكلفا بالعلاقة مع البرلمان والمجتمع المدني، قبل أن يطرد من الحكومة بسبب قصة "العشق الممنوع"، لصحفية بـ"العاصمة بوسط" بدعوى أن لباسها لا يتناسب وحرمة المؤسسة التشريعية، كما أنه لا أحد يستطيع أن ينسى أو يتناسى تهجم بنكيران، وهو رئيس للحكومة، على موقع "هسبريس" الالكتروني قائلا لأحد صحفييه "انتوما ماشي رجال"، فقط لأن الموقع تفاعل ولا يزال مع أحداث تجري على الساحة بموضوعية وحيادية أزعجت رئيس الحكومة.

حوادث سير بنكيران مع وسائل الاعلام طالت جرائدا يومية لم تكن "الأخبار" الوحيدة من بينها، وقنوات تلفزية وما "القناة الثانية" إلا نموذج على هذه الحرب التي يشنها بنكيران على وسائل الاعلام التي لا تنضبط للإيقاع المراد فرضه على المشهد الاعلامي كما السياسي والنقابي والحقوقي...

للأسف، عبد الإله بنكيران وهو في نشاط رسمي بصفته رئيسا للسلطة التنفيذية وما يعنيه ذلك من كونه ثاني رجل في هرم الدولة المغربية بعد الملك محمد السادس، أكد من خلال "العنف اللفظي" الذي حملته عباراته التي وجهها مباشرة لصحفي جريدة "كشك" الإلكترونية ووصفه لذات الموقع بــ"المعادي"، (أكد) الكثير من الرسائل التي لا تحتاج إلى تحليل وتمحيص لفك شفرتها، والتي تقول علانية وبدون أية مواربة أن كل من ينتقد بنكيران فهو عدو له وقمعه واجب وتعنيفه لفظيا وماديا سلوك مرغوب ومطلوب، وهي الرسائل التي يُتوقع أن يتلقاها أتباعه بحماس زائد سيحرصون على عكسه من خلال الرفع من منسوب العنف اللفظي في خطابهم، سواء تعلق الأمر بالكتائب الإلكترونية المقيمة بمواقع التواصل الاجتماعية أو من خلال الخلايا التي تتحرك تارة ظاهرة وتارات أخرى مستترة تحت يافطات جمعوية ودعوية وحقوقية وإعلامية...

الذين يطالبون رئيس الحكومة بالاعتذار "رسميا" عما بدر منه من عنف في حق صحفي جريدة "كشك" الالكترونية، إما أنهم لا يعرفون أسلوبه وتكتيكه والآليات التي يتبعها لبعث رسائله، أو أنهم تناسوا أن تمثُّل بنكيران و"إخوانه" للإعلام ثابت غير متحرك قوامه "إما أن تكون معي أو ضدي"..