&أيمن الحماد

عندما يتم طرح 500 مبادرة تضطلع بتنفيذها الجهات الحكومية حتى عام 2020 ، فلا شك أننا أمام مقاربة تنموية مختلفة في عرضها وتصميمها وتنفيذها، وأبرز ظاهرة دشن برنامج التحول الوطني عمله بها هي ظهور الوزراء أمام الرأي العام كشكل من أشكال التعهد الذي يلزم المسؤول أمام المواطن الذي أصبح اليوم على درجة عالية من الوعي والقدرة على التمييز والمعرفة بفضل التقنيات الحديثة والتكنولوجيا والانفتاح على المعارف وأوعية المعلومات والقدرة على قياس مدى الاختلاف والتباين التنموي بين الدول.. لذا كان الحديث الذي أدلى به الوزراء في اليوم الأول من رمضان وسيستمر حتى الغد جزءاً من عملية تشاركية غاية في الأهمية وتبرز ملامح حكومة تستشعر حاجات المواطن وتعمل على تنفيذها من خلال آليات يفصح عنها للرأي العام، وهذا الإفصاح يصل إلى التفاصيل المتعلقة باسم المشروع والتكاليف المترتبة عليه، وإتاحة حرية الوصول لتلك البرامج عبر الشبكة العنكبوتية.

في الماضي تم التعارف على المستوى الحكومي والشعبي بأن تكون الخطة الخمسية، عبارة عن برنامج عام للحكومة لمدة خمس سنوات، لكن وعلى مدار الخطط الخمسية الماضية والتي بلغ عددها تسع خطط، لم يكن الوضوح بحجم المشروعات التي ستنفذ بنفس الشكل والهيئة التي ظهر عليها برنامج التحول الوطني، الذي لا شك أنه يأخذ صفة تجعل منه تاريخاً ليس فقط بما يمكن أن يقدمه بل تغييره للنمطية السائدة التي درج عليها المشهد التنموي في الفترات السابقة، والذي لا شك أسهم بشكل كبير في تطور ونهضة المملكة وبروزها على المشهد السياسي والاقتصادي الدولي، لكننا اليوم أمام تجربة مختلفة روحها الشفافية والقياس، التي في الغالب لا يكون انعكاسها إيجابياً فقط داخلياً على المواطن، بل حتى على المستوى الخارجي إذ يشكل وضوح الرؤية وثراء رصيد الحكومة من جهة البرامج والمبادرات محفزاً كبيراً للجهات الخارجية -ونعني بها الحكومات والشركات حول العالم- للإقبال والحماس لدخول سوق المملكة وخوض غمار هذه التجربة التنموية التي بدون شك مغرية لرؤوس الأموال، وقد بدت معالم ذلك تظهر بالاستثمار المعتبر الذي قامت به شركة جنرال إليكتريك عملاق الصناعة الأميركية والذي تقدر قيمته بـ 1.4 مليار دولار، ما يجعلنا مجبرين على التفاؤل والتطلع للمزيد.