صحف عبرية

هناك نوعان من السياسيين في العالم الديمقراطي: تجار وايديولوجيون. الاوائل مستعدون لان يقولوا كل شيء ويفعلوا كل شيء كي ينجحوا وينتخبوا. من ناحيتهم، لكل شيء يوجد ثمن ومقابل، على أن تذكروا المبلغ فقط. الاخيرون ـ السياسيون الايديولوجيون، محصورون في داخل اطار تأثير عالمهم. عندما ينتخبون في الغالب يتجمدون في مكانهم، في محاولة للنجاة امام وحشية الواقع وعندها يختفون. في السياسة الأمريكية يمثل براك اوباما الايديولوجيين. فالاخطاء الجسيمة التي ارتكبها في السياسة الخارجية منذ انتخب رئيسا في المرة الاولى هي نتيجة مذهب فكري.

لقد آمن حقا بانه يمكن الحديث عن قيم حقوق الانسان في جامعة القاهرة عشية «الربيع العربي». وهو عن حق وحقيق ليس قادرا على ان يرى في الإسلام الحديث محدث الإرهاب رقم 1 في العالم. وهو يسير في الشرق الأوسط بتقنين ينطلق من الرغبة في التحسين وليس الاساءة. ثمة الكثير جدا من الرومانسية في المثاليين، ولكنهم خطر كبير عندما يتجهون في الاتجاه غير الصحيح.

شخصية التاجر السياسي يمكن أن نجدها في المتنافسين على الرئاسة في السباق الحالي: كلينتون وترامب. وبينما كلينتون هي تاجرة متوسطة فان ترامب هو تاجر ممتاز. رجل أعمال بارد الاعصاب، مهني. وهو يبيع البضاعة التي ليس له أي فكرة عما يمكن استخدامها. هكذا، مثلا، «أمريكا رائعة».

«سنجعل أمريكا رائعة مرة اخرى»، قال ترامب في عدة مناسبات. سنجعلها ممتازة، جيدة. في نظري الغروب في الجبال قرب بيتي رائع، الشروق جيد وتوجد ايضا موسيقى ممتازة أسمعها احيانا. فكيف نجعل دولة رائعة؟ هذا سؤال يتطلب خطة عمل، سلم اولويات وتعريف علمي. هذا ليس لدى ترامب أي نية لتوفيره.

من زاوية نظر فئوية، فاني كإسرائيلي أخاف من التجار في السياسة بقدر لا يقل عن الايديولوجيين على نمط اوباما. عندما يقول ترامب انه مع البناء في المستوطنات لانهم يلقون علينا الصواريخ، افهم بان ليس لديه أي فكرة اين توجد المستوطنات، وما الذي يهددنا أو لا يهددنا. استنتاجي هو أن ترامب كرئيس لن تكون له أي مشكلة لان يسقط على إسرائيل ويقول «اتفقوا مع الفلسطينيين، انسحبوا إلى خطوط 67، فهذه ليست قصة كبيرة مع كل هذه الصواريخ. اريد سلاما كي أجعل العالم رائعا». بكل ثمن، على طريقة التجار. اما كلينتون، بالمناسبة، فليست افضل، باستثناء ان هذه قصة معروفة اخرى.

أتوقف عند التمييز بين السياسيين كونه لاول مرة في التاريخ البشري، وبسبب الصراع بين التجار على الرئاسة الأمريكية، توجد امكانية لان يصبح الإرهاب اداة استراتيجية تؤثر على مصير العالم. منذ اخترع هذا المفهوم، والذي يعني الخوف، تميز الإرهاب بتأثير تكتيكي على الناس. فقد نجح الإرهابيون في المس بالرموز، بالزعماء الكبار او بقتل المئات والالاف من الاشخاص. ولم يغيروا العالم. هكذا عندنا، لشدة الاسف، في قدر كبير من الحالات والانتفاضات الدموية، هكذا ايضا في الولايات المتحدة منذ 11 ايلول. يمكن أن نجد تراكما للاحداث التي أدت إلى الحملات، يمكن أن نجد حروبا على اساس عمليات إرهابية كبرى، ولكن هذه كلها مجرد فقرة صغيرة في التاريخ.

ما يجري الان مع داعش، وبالمقابل سياسة النعامة لاوباما، يختلف عن كل ما عرفناه. عندما بدأ داعش ينتشر في ارجاء العالم وجدت نفسي مرتبكا أمام ما بدا لي كاهتمام اكبر مما ينبغي. مع كل الاحترام، فهل بضعة الاف من المسلمين المسلحين بالسلاح الخفيف، سيارات التندر والوحشية يخيفون العالم الغربي؟ ما هو الاسوأ الذي يمكن أن يحصل؟ السيطرة على مزيد من الارض في العراق او سوريا. ارسال قوات مشاة وحملة قصف مكثفة يمكنها أن تصفي التنظيم. غير أن العالم الغربي خاف، وانا لم أفهم بانه خاف من نفسه.

ليس لدى داعش أي ذخر غير الوعي. رجاله يلتقطون لانفسهم الصور وهم يقطعون الرؤوس، يذبحون النساء والاطفال ويتباهون بقتل اللوطيين. في يوم المذبحة في اورلاندو ذبحوا بضع عشرات مسلمين في سوريا. لم يأبه أحد. ولكن عندما يدور الحديث عن حدث على الارض الأمريكية، فان داعش ينتصر في معركة الوعي. وبالذات لهذا السبب توجد له فرصة فتاكة للتأثير على العالم بأسره.

عملية اجرامية عشية الانتخابات سترجح نسبة التصويت في صالح ترامب. عندما لا يتجرأ الرئيس اوباما على القول ما هو المصدر ـ الإسلام المتطرف ـ فان موقف الجمهور الأمريكي سيكون اشد. ترامب كرئيس سيغير العالم الديمقراطي. وهو منذ الان يغير المنظومات السياسية المحيطة. لا أدي كيف سيفعل هذا، ولكني أخاف. يهودي من نوعي دوما يخاف من غير المعروف.

&

يوعز هندل

يديعوت &