آسيا آل الشيخ& &&
سأتحدث اليوم عن نهج معروف لبناء ودعم صناعة القرار في نظام اجتماعي اقتصادي سياسي بيئي مركب وبطريقة شاملة ومبدعة ويتلخص هذا الأسلوب في بناء افتراضات متسقة مع المستقبل تعبر عن تحدياته وتتصف بالمعقولية والوضوح.&
منذ سنوات والسيناريوهات تستخدم من قبل المنظمات كوسيلة لاستباق الأحداث اللا متوقعة ولضمان التكيف معها. بدأ استخدام طريقة السيناريوهات في الجيش الأمريكي وخصوصا من قبل وكالة الاستخبارات الأمريكية. ثم تبعها مركز راند للدراسات الاستراتيجية. وفي مجال الأعمال، تعد تجربة شركة البترول رويال دتش شل أول قصة نجاح لمنهج تخطيط السيناريوهات تعرف وتوثق على نطاق واسع. وكانت شركة شل شركة النفط الوحيدة التي لم تتأثر بانخفاض الإنتاج في سوق النفط إلى ما بين 56 و78 برميل/ اليوم في سبعينيات حظر البترول. ساعد نجاح شركة شل على نشر نهج السيناريوهات التي لا تزال تستخدمها للتكهن بوقوع الاضطرابات والاستعداد لها قبل حدوثها.&
قصة نجاح أخرى في استخدام السيناريوهات أتت في عام 1991 عندما أطلق سراح نيلسون مانديلا وبدأت المفاوضات على إنهاء التمييز العنصري في جنوب إفريقيا. وقد تم تشكيل مجموعة من قادة المجتمع بأطيافه كافة: المعارضة والحكومة، اليمين واليسار، البيض والسود، أصحاب الأعمال، الساسة والأكاديميون، وقادة الاتحادات والعمال، لتقوم بوضع تصور لمستقبل البلاد. كان هناك رغبة في اتباع نموذج شل في السيناريوهات، فبدأوا في ورش العمل الخاصة بالمشروع الذي عرف لاحقا باسم تمارين مونت فلور للسيناريوهات. Mont Fleur Scenarios Exercise.&
السيناريوهات التي تم نشرها في 1992 كانت تستهدف سؤالا واحدا: كيف سيكون تحول جنوب إفريقيا وهل ستنجح في التحليق؟ وكانت النتيجة أربعة سيناريوهات، كل منها يحمل رسالة مختلفة.&
كانت جنوب إفريقيا في وضع حرج وكانت خطة التحول محفوفة بالمخاطر، وبطبيعة الحال لم يكن بمقدور أحد التكهن ما بين نجاح الخطة وفشلها الذي سيجعل البلاد عالقة في الصراع والعزلة. في مجملها، قدمت السيناريوهات خريطة طريق استباقية لهذا التحول.&
قدمت السيناريوهات ثلاثة تنبؤات سوداوية يجب تفادي وقوعها، النعامة، حيث تغرس حكومة الأقلية البيضاء رأسها في الرمل تجاهلا لمطالب الأغلبية السوداء، البطة العرجاء، حيث تكون هناك خطة تحول مطولة تحت حكومة ضعيفة تزعم أنها تستمع لمطالب الجميع بينما لا ترضي أيا منهم. وأخيرا، إيكاروس، حيث تصعد المعارضة السوداء للحكم وسط احتفاء ودعم الشعب، وبنية طيبة تغرق في الإنفاق الحكومي ما يؤدي إلى أزمة اقتصادية. وبين هذه السيناريوهات الثلاثة غير المرغوبة، كانت هناك رؤية مشرقة تحت مسمى "الفلامينكو"، حيث ينجح التحول وتسير الأمور كما هو مخطط لها وينهض كل أفراد المجتمع معا على حد سواء. صحيح أن المستقبل خارج عن التوقعات ولا نستطيع التحكم فيه، لكن يمكننا التأثير في ما ستؤول إليه الأمور. لذا فإن السيناريوهات أداة قوية ليس فقط لتوقع المستقبل بل لصياغته.
التعليقات