&لعبة محفوفة بالمخاطر والحكومة الطرف المحرج: «إخوان» الأردن بـ«السلاح السياسي الأبيض»… ونحو «نصف مليون ناخب» يثيرون قلق الجميع

&

بسام البدارين

& يخوض الإخوان المسلمون في الأردن بلعبة محفوفة بالاحتمالات وبعض المخاطر من الجانب السياسي لكن بذكاء وبطريقة ترد ضمنياً وبـ«الوسائل المغرقة جداً في الشرعية» على محاولات الإقصاء المنهجية التي مورست ضدهم وأخفقت جيمعها بدون مقابل.

تفاصيل هذه اللعبة تبدو مثيرة إلى حد كبير بعدما تمكن المعارضون الإسلاميون عشية التحضير لانتخابات عامة يعلن الجميع نزاهتها من «إحراج كل النخب التي تقف ضدهم» وتحترف التأزيم بينهم وبين النظام داخل مؤسسات القرار.

يميل سياسي رفيع المستوى من الجانب المخاصم منذ عقود للتيار الإخواني لتسمية ما يحصل مع التيار الإخواني على هامش ملف الانتخابات بأنه مواجهة شرعية قانونية اجتماعية بـ«السلاح الأبيض».

هذه التسمية تبدو منطقية وتعكس واقع الحال إذا كان القصد منها التركيز على الاتجاه المسيس الذي سارت فيه بوصلة الإسلاميين في المسألة الانتخابية خصوصاً وان قوائم ترشيح الإخوان المسلمين للانتخابات لا زالت غامضة ولم تعلن وتثير مسبقاً جدلاً غير مسبوق بل وترعب الكثير من الأطراف وتربك المناخ العام للمرشحين والقوائم خصوصاً بعد إسقاط شعار «الإسلام هو الحل».

الواقع ومع تكاثر النقاش والجدل يقول اليوم بأن الطرف الداعي للتصعيد ضد جماعة الإخوان في الجانب الرسمي والحكومي قد يكون هو المرتبك أكثر منهم لأن الصراع الانتخابي يطال على الأقل ما نسبته نحو نصف مليون صوت انتخابي تشكل مخزن الأصوات للتيار الإسلامي في تجمعات ديموغرافيه وعشائرية عدة وحتى في اوساط المخيمات والمكون الفلسطيني.

في مطبخ الإخوان لا زال القياديون الكبار يعتقدون بأن الفرصة رغم سلسلة الانشقاقات المرعية رسمياً متاحة للسيطرة على إيقاع النصف مليون صوت انتخابي التي يطمح التيار بالقفز للبرلمان على رافعتها.

هذا المخزن التصويتي في الواقع أخفقت السلطة في مخاطبته طوال السنين الماضية مع عدم وجود «بدائل حقيقية» مقنعة للناس حيث بقيت حافلة الإخوان المسلمين هي وحدها المتاحة لركوب المواطنين بسبب استعصاء حافلات الدولة واختيار شخصيات ضعيفة لتمثيل بعض المكونات الاجتماعية.

مثل هذا التفكير ينطلق من اعتبارات محددة فنسبة المشاركة ستكون ضعيفة حسب القراءات الأولية ونصف مليون قد تشكل في أسوأ الأحوال للحكومة ما نسبته 25 ٪من الأصوات المشاركة في الاقتراع، مع عدم وجود بديل حقيقي في الكثير من الدوائر الانتخابية ومع وجود طبقة المليونيرات وشخصيات مهزوزة أو ركبت البرلمان بالتزوير في الماضي تصبح مثل هذه الأرقام مركبة ومربكة سياسياً إلى حد بعيد.

النظام الانتخابي الجديد يسمح للتيار الإخواني بالهجمة يوم الاقتراع وهو ما لفت النظر له القيادي الشيخ مراد عضايلة في نقاش مع «القدس العربي» عندما قال بان حجة التيار الأساسية في مقاطعة الانتخابات كانت الصوت الواحد واليوم سقط الصوت الواحد وبالتالي من المنطقي القول بأن التيار الإسلامي سيكون صادقاً مع نفسه ومع الناس.

في ضوء ذلك وفي ظل قرار المشاركة بهجمة منظمة قدر الإمكان أسوأ الخيارات بالنسبة للإسلاميين «جيدة جداً في كل الأحوال» فالأزمة اليوم وسط بقية المرشحين وعند الطرف التحريضي داخل الدولة ضد الإخوان.

العبث بالانتخابات هاجس الإخوان سيظهر المؤسسات الرسمية مترددة ومرتبكة وسيستفيد الإخوان المسلمون والامتناع عن مضايقة الإخوان في الشارع سيمكنهم من السيطرة على مخزنهم من الأصوات بسبب عدم وجود بديل.

أما تأجيل الانتخابات فيعني أن التيار الإخواني «لقمة لا يستهان بها» والعمل في اتجاه انتخابات نظيفة فعلاً يعني المجازفة بكتلة إخوانية قوامها ما يسمى بـ«الثلث المعطل»، الأمر الذي سيضعف كل التيارات الإسلامية البديلة مثل الانشقاق المرخص بقيادة الشيخ عبد المجيد الذنيبات وحركة زمزم وحزب الوسط الإسلامي.

وفي الوقت نفسه الغضب الذي تثيره وسط مرشحين يزعمون انهم يمثلون تيارات محافظة تقف مع النظام وتتصدى للإخوان والمعارضة المنهجية مقولات الانتخابات النظيفة بدأ ينتج المشكلات.

الخيارات كلها صعبة ومعقدة بعد السلاح السياسي الأبيض والإخوان المستفيدون بكل حال في النهاية ما لم توضع خطة محكمة تمنع تقديم خدمات مجانية لهم لأن الحديث عن نصف مليون ناخب على الأقل تتحرك المعارضة «الشرعية» في هوامشهم وعلى رأسها وأهمها وأقدرها حزب جبهة العمل الإسلامي.