&حسين شبكشي&&&
قيل في الأثر المعروف «اطلبوا العلم ولو في الصين». ومن عاصمة الصين المارد الآسيوي والتنين العملاق المنطلق بقوة للعب دور متعاظم في ساحة العالم الاقتصادية أكتب هذه السطور.. من العاصمة الصينية بكين التي تشهد حضورًا سعوديًا لافتًا يؤكد مكانة الصين المتزايدة في خريطة الاهتمامات السعودية. فعاليات المنتدى السعودي - الصيني المشترك أكدت هذا التوجه اللافت، فبالإضافة إلى الحضور «الثقيل» لرجال الأعمال السعوديين تم خلال هذه المناسبة التوقيع على عدد كبير ومهم من الاتفاقيات بين الشركات السعودية والصينية. ولكن اللافت أيضًا كانت كلمة وزير التجارة والاستثمار السعودي، ماجد القصبي، الذي بدأ مرحبًا أشد الترحيب بالمستثمر الصيني وليس فقط بالبضائع الصينية، وقطع على نفسه عهدًا بتسهيل الإجراءات لذلك، وكذلك الأمر بالنسبة لكلمة وزير الطاقة والصناعة الذي ركز على أبعاد سياسات السعودية الاستثمارية القديمة داخل الصين نفسها، والنية على الاستمرار في الطريق نفسه، وقد استشهد بمشاريع «أرامكو» ومشاريع «سابك»، وتحدث بلغة الواثق والعارف بالشأن الصيني، عاكسًا بذلك تجربته المميزة والناجحة في التعامل مع الصين.
كذلك كان الحضور اللافت والمميز لنجم «أرامكو» المتألق، ناصر النفيسي، الذي كان بمثابة الدينمو في حضوره الواثق والمطمئن في الإجابة عن أسئلة الحضور بشتى أنواعها. وكذلك قدم رجل الأعمال عبد الله المبطي، رئيس مجلس الأعمال السعودي الصيني، نموذجًا محترمًا لكيفية تعامل رجل الأعمال مع تحديات بلاده، وأن يكون سفيرًا جاذبًا للعلاقات.
هناك وعي متزايد لأهمية العلاقات مع الصين، فالسعودية بعثت بأكثر من 800 طالب يدرسون في الصين اليوم، ونسبة النمو التجاري بين البلدين تشهد تصاعدًا في المجالات كافة. والسعودية هي المصدر الأول للطاقة بالنسبة للصين، رغم وجود منافسة شرسة وعنيفة من روسيا.
هناك نوستالجيا قديمة في الوجدان السعودي بالنسبة للصين، إذ توجد قامات سعودية مهمة جدًا من أصول صينية تألقت ونجحت وتركت بصمتها المميزة. فـ«إمبراطور» تجارة الجلود والأحذية كان عبد الغفور أمين، وكذلك كان رائد الإعلام الإسلامي عبد القادر طاش، والأديبة السعودية القديرة الدكتورة أميرة كشغري، ورئيس تحرير إحدى أهم الصحف السعودية اليومية، الدكتور عثمان الصيني، وغيرهم.
اليوم هناك إقبال متزايد وجسور تُبنى، فمن المبهر مشاهدة الطلبة السعوديين وهم يتحدثون لغة الصين الدارجة (الماندرين) بطلاقة، والفنان السعودي الكبير أحمد ماطر، وهو يعد عملاً فنيًا مميزًا يليق بهذه المناسبة يخرج فيه كلا من فكرتي الحج وطريق الحرير كفكرة ثقافية مميزة.
السعودية والصين تنطلقان من فكرة مشتركة، فلكل منهما مشروعها الكبير؛ السعودية لديها مشروع «رؤية 2030» الذي ستتم فيه إعادة هيكلة كثير من الأساسيات في المجتمع والاقتصاد، والصين لديها مشروع إعادة إحياء طريق الحرير القديم الذي كان يصب في الشرق الأوسط.. كلتا الدولتين تنفتح على العالم بشكل جديد ومدروس، وهذا من شأنه أن يعود بالخير على المجتمع الدولي بأسره وعلى البلدين تحديدًا.
&&
التعليقات