&ريهام مازن

أثارت قضية البوركيني الفرنسية ردود فعل قوية في العالم.. ووجهت الصحف الأوروبية انتقادات لاذعة لفرنسا بهذا الشأن، وذهب الإعلام البلجيكي إلى اعتبار أن فرنسا "تقوم بإذلال المسلمين". ومن جانبه، علق مجلس الدولة الفرنسي يوم الجمعة الماضي قرار حظر لباس السباحة الساتر (البوركيني) بعد أن أثار خلافات داخلية وقوبل باستنكار في الخارج.

وأصدر المجلس قراره عقب طلب من رابطة حقوق الإنسان بإبطال حظر البوركيني في بلدة "فيلانوف لوبيه" المطلة على البحر المتوسط.

ورحب المجلس الأعلى للديانة الإسلامية في فرنسا بقرار مجلس الدولة الذي جاء بعد يوم من انتشار صور على مواقع التواصل الاجتماعي لرجل شرطة مسلح يأمر امرأة مسلمة على شاطئ بمدينة نيس بأن تتعرى جزئيا، مما أغضب العديد من مسلمي فرنسا، وتسبب في حالة قلق عالمية.

وسيتعين على ثلاثين بلدية فرنسية حظرت السباحة بالبوركيني أن تتخلى عن تطبيق قراراتها امتثالا لحكم مجلس الدولة الذي يعدّ أعلى سلطة إدارية قضائية في البلاد.

يمثل الآن منذ يومي الثلاثاء والأربعاء، أربعة من رؤساء البلديات الفرنسية المتمسكة بحظر لباس البحر المعروف بـالبوركيني على شواطئ مدنهم أمام القضاء الفرنسي، في وقت ندد فيه وزير الداخلية الفرنسي برنار كازنوف بالخطط الرامية إلى حظر البوركيني.

وكانت اللجنة الفرنسية المناهضة للإسلاموفوبيا، قد رفعت دعوى قضائية ضد مدن نيس، وروكبرون-كاب-مارتان، ومينتون، وفريجوس (جنوب شرق البلاد) لتعليق قراراتها بحظر البوركيني.

وعلى الجانب الآخر، انتقد وزير الداخلية الفرنسي برنار كازنوف بشدة "الخطط المثيرة للجدل والرامية إلى حظر ارتداء البوركيني" واعتبرها "غير دستورية".

وقال كازنوف لصحيفة "لا كروا" الفرنسية الكاثوليكية إن فرض حظر على ارتداء البوركيني على مستوى البلاد -الذي تسعى إليه المعارضة المحافظة في فرنسا- سيكون "غير دستوري وغير فعال، وسوف يثير عداوات وتوترات يتعذر إصلاحها".

وفي وقت لاحق التقى كازنوف ممثلي الجالية الإسلامية في فرنسا في ظل جو التوتر الذي يسود البلاد، وقال بعد اللقاء "نريد إسلاما يقف بكلتا قدميه في الجمهورية".

وأضاف أنه إذا كان العديد من الشخصيات اليمينية قد طالبت بإقرار قانون من هذا النوع، فإن الحكومة الفرنسية "ترفض وضع قانون يتعلق بهذه المسألة، لأنه سيثير كثيرا من العداوات، كما ستكون له تداعيات قد يكون تداركها متعذرا".

وشدد كازنوف على أن صدور مثل هذا القانون أمر غير مرجح في ظل الحكومة الاشتراكية الحالية.

ويعكس تحذير كازنوف حالة التناقض داخل الحكومة الفرنسية، فقد أكد رئيس الوزراء الفرنسي، مانويل فالس أكثر من مرة تأييده حظر البوركيني، معتبرا إياه رمزا لاستعباد المرأة.

ووصف فالس في مقابلة أجرتها معه صحيفة "لا بروفانس" البوركيني بأنه "ترجمة لمشروع سياسي ضد المجتمع مبني خصوصا على استعباد المرأة".

في المقابل، استنكر سياسيون وحقوقيون ومسئولون حظر البوركيني، ورأوا فيه تمييزا غير مبرر ضد المسلمين.

ويتوقع أن يحظى قرار مجلس الدولة باهتمام كبير على المستوى الدولي، لأن حظر لباس البحر الذي يغطي جسد المرأة أثار قلقا وذهولا على مستوى العالم.

ففي وقت سابق، نشرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، على صفحتها الأولى صوراً للمرأة المحجبة التي أحاط بها أربعة من رجال الشرطة ببلدية نيس طالبين منها خلع لباس البوركيني الذي كانت ترتديه، مما أثار موجة من الاستنكار والقلق.

وتحدثت الصحف الألمانية عن "حرب دينية"، ورأى رئيس بلدية لندن صديق خان أنه "لا يحق لأحد أن يملي على النساء ما يجب أن يلبسن".

وكانت نحو 15 مدينة فرنسية قد حظرت ارتداء البوركيني على شواطئها بين كورسيكا والساحل الشمالي، محذرة "كل شخص لا يرتدي لباسا يحترم معايير العلمانية وقواعد النظافة وسلامة السباح".

الجدير بالذكر أن مجلس الدولة أعلى سلطة قضائية وإدارية في فرنسا قد قضى الجمعة الماضي بإلغاء حظر ارتداء البوركيني على شواطئ بلدة فيلنوف-لوبيه بجنوب البلاد، وهو ما يعد قرارا تاريخيا أرسى سابقة لعشرات البلدات الشاطئية الأخرى.

يذكر أن هذا الحكم القضائي، دفع السياسيين اليمينيين إلى مطالبة البرلمان بفرض حظر على مستوى البلاد على ارتداء البوركيني الذي يعتبرونه "رمزا للإسلام المتشدد". و رغم القرار أعلن العديد من رؤساء البلديات تمسكهم بحظر البوركيني ومواصلة تحرير محاضر للنساء اللواتي يرتدينه طالما لم يلغ قرارها رسميا من قبل المحاكم الإدارية.

من قلبي: ما الذي سيفعله البوركيني في الأيام القادمة، من أحداث داخل فرنسا بين مجلس الدولة واليمين المتطرف؟

من كل قلبي: إذا عُدنا للوراء سنجد أن من فجّر هذه القضية، كان يُريد بها القضاء على كل قيَم الديمقراطية في فرنسا وإحداث هزة عنيفة داخل فرنسا بين الجاليات المختلفة من مبدأ عدم احترام حقوق الإنسان والأقليات!