&جهاد الخازن

أعلى محكمة إدارية فرنسية أصدرت حكماً يمنع رؤساء بلديات فرنسيين من حظر ارتداء «بوركيني»، أو ذلك الثوب الذي يغطي الجسد كله، على شواطئ مدنهم وبلداتهم.

المحكمة قالت إن رؤساء البلديات تجاوزوا صلاحياتهم هذا الشهر بمنع ارتداء الثوب «بوركيني» في المسابح، ورأت أن العواطف والقلق والخوف بعد الهجمات الإرهابية، خصوصاً في نيس في 14 تموز (يوليو)، لا تكفي قانونياً لتبرير الحظر، فهو «يمثل اعتداءً واضحاً على الحريات الشخصية». وقالت المحكمة «إن من حق رؤساء البلديات الحد من الحريات إذا كان هناك خطر مؤكد»، وهذا غير موجود في ارتداء «بوركيني».

رؤساء البلديات يعارضون قرار المحكمة، والمشكلة بدأت مع قرار بلدية فيلنوف لوبيه على الريفيرا الفرنسية، منع ارتداء «بوركيني» على الشواطئ التابعة لها، وهي اتسعت نطاقاً عندما أصدرت بلديات أخرى قرارات مماثلة، وقرأت أن 34 بلدية اتخذت الموقف نفسه قبل أن تمنع المحكمة الإدارية القرار.

يقولون: عندما تكون في روما افعل ما يفعل أهلها. هذا القول يصلح للاستعمال خارج روما، غير أنني لا أرى أنه يشمل تعرية النساء بحكم القانون، فالثورة الفرنسية كان شعارها: حرية مساواة إخاء، وهو شعار يفاخر به الفرنسيون حتى اليوم.

لم أكن من أنصار العري يوماً، ولست اليوم، لكن أجد أن الرداء «بوركيني» خطر على المرأة التي تستعمله، فهو يمتلئ ماء وتحتاج مَنْ تختاره الى أن تكون سباحة أولمبية لتنجو من الغرق. ثم إنه يمنعها من التمتع بأشعة الشمس، وهي علّة الوجود على البحر، فبعضهن يضع أيضاً نظارات قاتمة، ما يجعله مثل «زورو»، وهو رجل ومنقب.

الثوب «بوركيني» اختراع تركي ثمنه دون مئة دولار، وكانت تركيا حتى تسعينات القرن الماضي علمانية جداً والحجاب نفسه ممنوع في المستشفيات والمحاكم ومكاتب الحكومة والجامعات. وجاء حزب العدالة والتنمية الإسلامي الى الحكم سنة 2002، وأصبح الحجاب جزءاً من السياسة الاجتماعية.

حتى إشعار آخر، يبدو أن قضية ارتداء «بوركيني» أو منعه وقف على فرنسا، ورئيس وزرائها مانويل فال انتقد «نيويورك تايمز» لانتصارها للنساء المسلمات. الجريدة مصيبة وهو مخطئ. في إنكلترا، قرأت أخباراً كثيرة تسخر من الموقف الفرنسي، كما رأيت صوراً لنساء مسلمات في مسابح برايتون ترتدي الواحدة منهن «بوركيني».

ولعل هذا الموقف هو نفسه في ألمانيا حيث الحرية الشخصية مهمة جداً، وفي الولايات المتحدة، فقد رأيت صوراً لسابحات في شرق الولايات المتحدة يرتدين من الثياب ما يغطي الجسد، لكن ليس على شكل «بوركيني» وإنما أكثره من ثياب الرياضة الطويلة.

أؤيد كل امرأة مسلمة تريد الحشمة، وربما كان الحل في أوروبا تخصيص مسابح للنساء والأطفال في ساعات محددة من النهار، حيث تستطيع كل امرأة أن ترتدي ما تفضّل من دون خدش حيائها.

أعتقد أن هناك مسابح للنساء في بعض دولنا في شمال أفريقيا، ونجاح التجربة هناك يشجّع على اتباعها في بلدان عربية أخرى.

في النهاية، كنت طالب لغة في الجامعة، و «لسان العرب» تحت مادة برق لا يضم أي إشارة الى غطاء للوجه، مع أن الفعل يملأ ثلاث صفحات منه. لكنْ هناك برقع، وهو نقاب أو حجاب تستر به المرأة وجهها. «بوركيني» تجمع البرقع مع المايوه بيكيني. هناك ألف قضية أهم منه للمرأة العربية والمسلمة.