&&&زاهي حواس&&&
دائمًا ما تخلد الاكتشافات الأثرية أسماء أصحابها المكتشفين وتفتح لهم أبواب الشهرة، ويذكرهم التاريخ ضمن المكتشفين العظام. ولكن ليس بالضرورة أن يكون المكتشف إنسانًا! فالحقيقة أن الحيوان نافس كبار المكتشفين وحقق اكتشافات أثرية مذهلة، لعل أشهرها عنزة أحمد عبد الرسول، التي شردت من القطيع في جبال الدير البحري عام 1871؛ وحينما حاول صاحبها استعادتها عثر على البئر التي قادته إلى الكشف عن مومياوات وعتاد جنائزي لأكثر من خمسين فرعون مصري؛ محققًا أعظم كشف أثري في القرن التاسع عشر؛ وسمي الكشف بخبيئة الدير البحري. وبعد الكشف عن الخبيئة وتحديدًا في عام 1898 يخرج الأثري الإنجليزي الشهير هيوارد كارتر ممتطيًا صهوة جواده في نزهة بالدير البحري، وعندما يقترب من الفناء المفتوح للمعبد الجنائزي لمنتوحوتب الثاني، مؤسس الأسرة الحادية عشرة، تتعثر قدم الحصان ويسقط هيوارد كارتر ليكتشف بعدها البئر المؤدية للدفنة الرمزية للفرعون منتوحوتب الثاني، ويعثر على أحد أجمل التماثيل الفرعونية على الإطلاق سليمًا وملفوفًا باللفائف الكتانية وكأنه مومياء وليس تمثالاً من الحجر الرملي الأحمر يمثل الفرعون جالسًا؛ ملتحفًا رداء الاحتفالات المعروف برداء (الحب سد)؛ ويسجل الكشف في كتب التاريخ باسم تمثال باب الحصان. ولم تنقطع صلة هيوارد كارتر بالاكتشافات الأثرية التي كان للحيوان دور فيها؛ ففي 4 نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 1922 كان كارتر على موعد مع أهم كشف أثري بالقرن العشرين، وهو الكشف عن مقبرة الفرعون الذهبي توت عنخ أمون سليمة لم تمس، وكنوزها الرائعة لم تفارق مكانها منذ أن وضعها الكهنة بأيديهم قبل أكثر من ثلاثة آلاف سنة. أما عن دخل الحيوان في هذا الكشف فيرجع إلى حمار الصبي حسين عبد الرسول، من ذات العائلة التي كشفت عن خبيئة الدير البحري، الذي كان يحمل عليه جرار الماء للعمال؛ وفي ذلك اليوم دخل الحمار إلى الوادي حاملاً المياه ووراءه الصبي يمشي، وابتعد الحمار عن المكان الذي يعمل فيه العمال اتقاء الأتربة والضوضاء، وتوقف في مكان ظليل، وبينما يحاول الصبي حسين عبد الرسول تمهيد الأرض لوضع جرار الماء يعثر على أول درجات السلم التي قادت هيوارد كارتر إلى الكشف عن مقبرة توت عنخ آمون.
وفى يوم الجمعة الموافق 28 سبتمبر (أيلول) من عام 1900 يختفي حمار السيد منصور السيد بينما هو يقوم بتحميل عربة الكارو بالأحجار المتناثرة بمنطقة كوم الشقافة الأثرية بالإسكندرية؛ حيث سقط الحمار المسكين وهو يلهو في بئر عميقة مضحيًا بحياته ليكشف لنا عن أروع آثار الإسكندرية المعروفة باسم مقابر الكتاكومب بكوم الشقافة.
وفى صيف عام 1997؛ كانت الواحات البحرية على موعد مع كشف أثري مذهل؛ حيث كان الشيخ عبد الموجود حارس معبد «الإسكندر الأكبر» يهم بالعودة إلى منزله بعد انتهاء نوبة عمله، لكنه لاحظ أن حماره الذي تركه يلهو كعادته لا يأتيه ويجري مذعورًا ذهابًا وإيابًا بالقرب من مكان بعينه! وعندما ذهب ليستطلع الأمر وجد أن قدم الحمار سقطت في حفرة بالأرض؛ وعندما نظر داخلها وجد وجوهًا من الذهب تنظر إليه مبتسمة! وكانت تلك هي بداية الكشف عن وادي المومياوات الذهبية بالواحات البحرية.
وفى أهرامات الجيزة تعثرت قدم حصان تمتطيه سائحة لتكون هذه هي بداية الكشف عن مقابر العمال بناة الأهرامات. وليست كل اكتشافات الحمير والجمال والماعز قاصرة على الآثار الفرعونية! فهناك قصة أحمد بن طولون، مؤسس الدولة الطولونية في مصر وعاصمتها القطائع بالقرب من مدينة الفسطاط.. حيث يقال إن جواده تعثر في حفرة بصحراء المماليك وجد بها كنزًا من الذهب؛ استعمله ابن طولون في بناء الجامع الذي يعرف إلى اليوم باسمه؛ ومئذنته الملوية الشهيرة.
&&
التعليقات