&عبدالله بن بجاد العتيبي

لم تحتفل دولة ولا شعبٌ بالعيد الوطني السعودي مع المملكة العربية السعودية كما فعلت دولة الإمارات العربية المتحدة قيادةً وشعباً، وقد تجلى ذلك في التهاني الرسمية، والتبريكات المتعددة، كما اتضح من خلال العديد من القرارات والفعاليات وكافة طرق التعبير ووسائل الإعلام. لقد قام صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، بتغيير اسم أحد أهم شوارع مدينة دبي، وهو ما كان يعرف بشارع «الصفوح» إلى شارع «الملك سلمان بن عبد العزيز»، هذا الشارع الذي تقع عليه أفخم الفنادق، وتصطف فيه ناطحات السحاب، كما تقع على ضفافه المدينة الإعلامية ومدينة الإنترنت. كان هذا واحداً من القرارات، وكان ترديد النشيد الوطني السعودي، وحمل الطلاب للأعلام السعودية في المدارس قراراً آخر، وكانت الفعاليات بلا حصرٍ من تزين المعالم الكبرى في أبوظبي ودبي بألوان العلم السعودي، إلى استقبال الضيوف السعوديين في المطارات، وفي المنافذ البرية بالأعلام السعودية والأهازيج والفنون والأغاني السعودية مع الورود والهدايا.

وقامت القنوات الإماراتية الكبرى باحتفاليات وفعاليات وبرامج وأغانٍ احتفاء بهذا العيد الوطني السعودي، وقد كانت غالب الأعمال التي قدمتها أعمالاً مبتكرةً تم إنتاجها في هذه القنوات، ولم تقصر الإذاعات والصحف، بل تفننت في إظهار احتفالها بالعيد الوطني السعودي، وعلى صدر صفحاتها الأولى.

وقد كتبت القصائد وغنّيت الأغاني من شيوخ الإمارات إلى كافة مواطنيها حتى ليشعر المواطن السعودي المقيم في بلده الثاني الإمارات أو الزائر لها أنه بالقول وبالفعل بين أهله وفي ربوع وطنه، فعلام يدل كل ذلك؟ إنه يدل على عمق العلاقات الضاربة بأطنابها في التاريخ بين الدولتين والقيادتين والشعبين، منذ أزمنة الفقر الشحيحة، وصلف الصحراء، وقسوة البحار، إلى زمن الطفرات الاقتصادية والرخاء والرفاهية، زمن الاستقرار والسيادة والأمن والأمان.

تداول السعوديون والإماراتيون بشكل كبير كلمةً للشيخ زايد بن سلطان رحمه الله، يتحدث فيها حديث القائد الواعي وهو يرتدي ثياب الإحرام في أطهر وأشرف بقاع الأرض، ويتحدث عن رؤيته للعلاقات التاريخية والسياسية مع المملكة العربية السعودية، وكان مما قاله رحمه الله: «دولة الإمارات –حقيقةً - هي مع السعودية قلباً وقالباً، ونؤمن بأن المصير واحد، وأن المفروض علينا أن نقف وقفة رجل واحد، وأن نتآزر بنصحٍ وإخلاص».

لقد كان يتحدث حديث القائد الذي يرى الواقع ويستشرف المستقبل فيبني الأول ويدفع باتجاه الثاني، ومن ينظر لطبيعة العلاقات بين الإمارات والسعودية اليوم، ومدى العمق الذي وصلت له على كافة المستويات، يترحم على الشيخ زايد الذي تحدث وكأنه ينظر من سجف الغيب لما تعيشه الدولتان في واقعنا الحالي.

التحالف السعودي الإماراتي القوي هو الذي يقود الدول العربية اليوم، وهو المدافع الأول عن مصالح الشعوب العربية، سياسياً تجاه إنقاذ الدولة المصرية وتجاه مملكة البحرين، وعسكرياً، في بناء «التحالف العربي» الداعم للشرعية في اليمن، وكذلك تحالف الدول المسلمة ضد الإرهاب، وفي المشهد العام في قيادة الدول العربية ضد التهديدات الإيرانية القديمة والحديثة.

سياسياً، وعلى المستوى الدولي تحدث ولي العهد السعودي الأمير محمد بن نايف من على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة مدافعاً عن حق دولة الإمارات في تحرير جزرها الثلاث، وعلى المنبر ذاته تحدث سمو الشيخ عبدالله بن زايد بالأمس عن أن «الحلول التي اعتمدتها الإمارات والسعودية الشقيقة تبعث على التفاؤل ونأمل امتداد آثارها الإيجابية إلى الدول الأخرى في المنطقة» وهو قال من قبل على نفس المنبر إن «دولة الإمارات مع المملكة العربية السعودية بحزم وبقوةٍ لأي محاولات إيرانية للتدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية». أخيراً، كل الأمل في استمرار هذا التحالف العربي الفريد بين الإمارات والسعودية، وكل عامٍ والسعودية والإمارات بخير.