مطلق بن سعود المطيري

طرد 35 دبلوماسيا روسيا من الولايات المتحدة على خلفية قضايا تجسس، أعطى انطباعا عاما أن الرئيس أوباما أراد أن يضع ختمه الخاص على العلاقات الروسية الأميركية، بعد ما أخفق كثيرا في محاصرة الدور الروسي وجعله دورا متعاونا أو مكملا لدور إدارته في القضايا الاستراتيجية، روسيا هزمت إدارة أوباما سياسيا وفضحت ضعفها وترددها أمام العالم، فموسكو كانت قوتها الحقيقية تتمثل بضعف واشنطن، فالبيت الأبيض في مرحلة أوباما كان يريد أن يوصل للعالم أن حكوماتهم لا تريد أن تفهم واشنطن وعليهم أن يتحملوا عدم فهمهم، فكان شعار التغيير الذي رفعته إدارة أوباما يحمل معنى واحدا؛ التغيير يعنى ألا يكون لواشنطن موقف ثابت تحميه القوة، بل موقف متغير يسوقه التردد والارتباك، فأمسكت موسكو بقوتها وضربت بها سياسة أوباما المترددة..

ترامب صديق بوتين لكن دولتيهما ليستا كذلك، فكيف ستكون سياستهما المختلفة في كل شيء إلا بكيمياء الشخصية بين الرئيسين؟ ترامب قدم لنفسه بقوة فقد عرف عيوب الإدارة السابقة واشتغل عليها كمنافس في ماراثون الانتخابات، فكسب السباق بقوة، فأين ستحمله هذه الصفة التي أهّلته للرئاسة؟ أي كيف سيمارس قوته بدون أن يخسر صديقه بوتين ولا يقلل من قوة دولته؟ الوصفة السحرية تكمن في محاربة الإرهاب، فهذه الوصفة تحقق له مصلحتين، الأولى تجعله ملتزما بوعده الانتخابي "القضاء على الإرهاب الإسلامي"، والثانية يستطيع بوصفة محاربة الإرهاب أن يجعل من اقترابه من الرئيس بوتين سياسة يقبلها الشارع الأميركي، موسكو استطاعت أن تمسك بجميع خيوط استراتيجية محاربة الإرهاب على مستوى العالم فهي ربما الدولة الوحيدة التي سوف تحدد الدول المفيدة وغير المفيدة في الحرب على الإرهاب، فبدون الوصفة الروسية سيخسر العالم استقراره، فقد جربت هذه الاستراتيجية مع تركيا، فترامب القوي يريد انتصارا حقيقيا يزيد من شعبيته كزعيم قوي، وهذا الانتصار موجود في أدراج الرئيس الروسي، فالمرحلة القادمة ستكون مرحلة استعراض العضلات، ولن تكون مرحلة التسويات السياسية، المملكة عرفت هذا مبكرا واستعدت لهذا اليوم بجيش إسلامي، فقد يكون من المناسب تحرك صورة هذا الجيش وإن لم يكن فعليا الدخول في حرب، ولكن تحركه في التدريب وتسمية قطاعاته وقادته العسكريين..