سعود بن هاشم جليدان

يقدر كثير من المصادر إيرادات المملكة النفطية الحكومية مجازفة، حيث تعتقد أنها عبارة عن محصلة ضرب إجمالي إنتاج النفط الخام السنوي بمتوسط أسعار النفط العربي الخفيف، ما ينتج عنه تقديرات مبالغ فيها. ولو طبقنا هذا الأسلوب على الإيرادات الحكومية لعام 2016 لبلغت قيمتها 587 مليار ريال، حيث وصل إنتاج النفط الخام إلى نحو 3.8 مليار برميل، وبلغ معدل سعر برميل النفط العربي الخفيف 41 دولارا تقريبا. وتفوق التقديرات الجزافية للإيرادات النفطية الواردة في بيان الميزانية بنحو 258 مليار ريال. وأتى خطأ التقدير من افتراضات وجود نوع وحيد من النفط، وأن جميع الكميات المنتجة تباع بأسعار التصدير، وانعدام تكاليف الإنتاج.

لتقدير إيرادات النفط الحكومية بشكل أقرب للواقع، لا بد من إدراك عدد من الحقائق حول الصناعة النفطية في المملكة، ولعل أبرزها وجود تكاليف لإنتاجها، وتعدد أنواع النفط الخام، ووجود منتجات طاقة أخرى، وذهاب جزء كبير من الإنتاج للاستهلاك المحلي الذي يباع بأسعار تقل عن الأسعار العالمية. ولهذا يجب عند حساب الإيرادات النفطية تقدير قيمة الصادرات النفطية وحدها وقيمة الاستهلاك المحلي من منتجات الطاقة، ثم إضافة الاثنين إلى الخروج بقيمة إجمالية لمبيعات النفط الخام ومنتجات الطاقة الأخرى التي يتحصل عليها المنتج المحلي، ثم خصم تكاليف المنتج المحلي.

يتطلب تقدير قيمة الصادرات النفطية ضرورة إدراك حقيقة وجود خمسة أنواع من النفط الخام في المملكة، لكل نوع سعر مختلف. وتصل الفروق السعرية للبرميل بين بعض الأنواع إلى أكثر من عشرة دولارات في بعض الأحيان. وإضافة إلى النفط الخام تصدر المملكة منتجات نفطية بأسعار تختلف عن أسعار النفط الخام، كما تصدر المملكة كميات كبيرة من سوائل الغاز الطبيعي بأسعار مختلفة، ولكن ينبغي إضافة قيمها إلى الصادرات النفطية. في المقابل يجب تدارك استيراد المملكة منتجات نفطية تخصم قيمتها من قيمة إجمالي الصادرات النفطية للحصول على صافي قيمة الصادرات النفطية. ولمزيد من الدقة حول قيم الصادرات النفطية يمكن خصم مستحقات الشركات الأجنبية المشاركة في مصافي التصدير العاملة في المملكة للخروج بإيرادات النفط التي يحصل عليها المنتج المحلي.

كما تمت إليه الإشارة سابقا، بعد الحصول على إجمالي الإيرادات النفطية الخارجية للمنتج المحلي لا بد من تقدير قيم المبيعات المحلية من النفط الخام "حيث تستهلك كميات كبيرة بشكل مباشر"، وكذلك قيم المنتجات النفطية، وسوائل الغاز، والغاز الطبيعي. وقد زيدت أسعار منتجات الطاقة المحلية في عام 2016، ما رفع إيرادات المبيعات المحلية من النفط الخام، ومنتجاته، وسوائل الغاز، والغاز الطبيعي. ومن المتوقع أن تتزايد إيرادات مبيعات منتجات الطاقة المحلية مع مرور الوقت. وقد شهد عام 2016 زيادة في إيرادات الطاقة المحلية تقدر بنحو 30 مليار ريال، ما يعني ارتفاع الإيرادات المحلية النفطية إلى مستويات تراوح ما بين 70 إلى 80 مليار ريال.

تتوقع الهيئة العامة للإحصاء أن يصل إجمالي قيمة الصادرات النفطية في 2016 إلى نحو 504 مليارات ريال، ولم تحدد الهيئة أي قيمة للواردات النفطية، ما قد يعني أن صافي قيمة صادرات الطاقة هو المقصود من إجمالي قيمة صادرات منتجات الطاقة. وإذا خصم مبلغ تقديري لأرباح الشركاء العالميين في مصافي التصدير النفطية من إجمالي الصادرات النفطية، ولنفترض أنه في حدود 20 مليار ريال، فإن إيرادات المنتجين المحليين من صادرات منتجات الطاقة كانت في حدود 484 مليار ريال في 2016. وعند إضافة هذا المبلغ إلى إجمالي قيمة منتجات الطاقة المحلية ـــ التي لا تقل عن 70 مليار ريال ــــ فإن إجمالي قيمة مبيعات الطاقة التي حصل عليها المنتج المحلي كانت نحو 554 مليار ريال في 2016. من ناحية أخرى، قدرت الإيرادات النفطية الحكومية لعام 2016 بنحو 329 مليار ريال في بيان الميزانية، ما يعني أن المنتج المحلي اقتطع ما يقارب 225 مليار ريال لتغطية نفقات تكاليف الإنتاج والمشاريع النفطية أو أي تكاليف أخرى في عام 2016.

من المتوقع زيادة أسعار المنتجات النفطية والنفط الخام والغاز الطبيعي المحلية في منتصف 2017، ما سيزيد إيرادات النفط المحلية، كما أن من المتوقع خفض شركة أرامكو الإنفاق على مشاريعها، ما يعني اقتطاع مبالغ أقل من إجمالي قيمة المبيعات النفطية التي على ما يبدو كانت أكبر من المعتاد في عام 2016 مقارنة بالأعوام السابقة. ولو طبقنا نهج المقالة في تقدير الإيرادات النفطية، مع خفض بنحو 25 مليار ريال لمستقطعات "أرامكو" وزيادة الإيرادات النفطية المحلية فإن متوسط سعر تصدير النفط في 2017 يجب ألا يقل عن 50 دولارا للبرميل، وذلك لتحقيق الإيرادات النفطية المستهدفة في الميزانية. وهذا يعني أن من الضروري الحفاظ على مستوى أسعار النفط الحالية لكامل عام 2017. وتتوقع مؤسسات الطاقة الرئيسة والأسواق بقاء أسعار النفط عند هذه المستويات خلال 2017 وقد تشهد بعض التحسن.