فاتح عبدالسلام
سبق أن تحدثت ، غير مرة، عن مسؤول في المعارضة السورية اقترح عند تسلمه رئاسة الائتلاف السوري المعارض المفاوضات مع الحكم في دمشق والتوقف عند آخر نقطة دم زهقت قبل اربع سنوات حيث كان مقترح معاذ الخطيب الذي نظر الى سوريا بعين أكبر من معارضة ونظام ، وأكبر من ان الظلم مصدره النظام وحده ، وقد ثبت لاحقاً ما آلت اليه أوضاع المعارضة السورية التي ورطت معها بدعم دول في الخليج قطاعات كبيرة من الشعب السوري من دون خطة وطنية معارضة يمكن ان تفضي الى التعايش السلمي الذي تدمرت فكرته في مدن سورية عدة . ونرى تركيا تعيد سياستها ازاء الوضع السوري بغض النظر عن خضوعها للتأثير الروسي لكن الصحيح هو عدم التدخل في شؤون دولة أخرى ، لأن الذي حدث لم يرتق الى مستوى التدخل لنصرة المظلوم وإنما كان تحريضاً سياسياً وقع في مصيدته كل انسان بسيط مستاء من السلطة ، ولا يوجد عربي على وجه الارض غير مستاء من سلطات بلده مهما كانت ، ربما باستثناء شاذ وغريب وهو الاحزاب الدينية المعتاشة على دم الفقراء والشعارات الطائفية وسلطات الغفلة والذمة الواسعة في بغداد .
هناك دائماً نقطة فاصلة بين الحكم والمعارضة ، أي طرف يجتازها يكون قد جازف بالشعب الذي يدعي انه يمثله أو انه يعمل من أجله . وتجلى الامر في القرار الخاطيء والقاتل الذي ذهبت اليه تيارات في المعارضة لإدخال حلب في حلبة الحرب ، وهي تضم اكبر تجمع سكاني ، أصابه التمزق الاجتماعي والخسائر الهائلة بالارواح مع سحق كامل لنصف المدينة الآهل بالسكان وما تبع ذلك من تهجير ونزوح ، وهذا هو التغيير الديمغرافي الذي كانت المعارضة المسلحة سبباً مبكراً في حصوله ، وليس النظام .
في ميزان الوجود البشري الذي هو أهم من السعي لاسقاط سلطة ونيل سلطة ، هناك عامل لاغنى عنه هو السلم الاجتماعي النسبي ،الذي نجحت الانظمة التسلطية في توفيره لكن المعارضات لم تقدم اطروحة تطمينية قبل الحكم او بعده لتحقيقه.
المجتمعات التي تحكمها سلطات قامعة لا تنفع معها الحروب الاهلية او الخارجية للتغيير وما حدث في ليبيا او العراق ، رأى العالم نتائجه الكارثية ، في الوقت الذي جرى تفكيك الاتحاد السوفييتي وتغيير نظامه السياسي باشتغالات سياسية واعلامية واقتصادية ومخابراتية ودولية هادئة وعميقة سنوات طويلة حتى كانت تلك النتيجة من دون قطرة دم واحدة .
ما معنى تغيير أنظمة مدمرة وقمعية اذا كان البديل معارضات أكثر تدميراً وقمعاً منها.
لكن هذا لن يوقف مساعي أي انسان من اجل نيل حرية رأيه وتعبيره.
التعليقات