سمير عطا الله 

لا أعرف ماذا كان شعور نحو 300 طالبة وطالب في «كلية الإعلام»، الجامعة اللبنانية، في لقائي معهم ضحى الثلاثاء الماضي. أما عندي، فكان اللقاء مثل جائزة نهاية السنة، وليس مثل افتتاح الدروس، كما قررت الكلية لموسم المحاضرات.


لم أقل «ليت الشباب يعود يوماً»، لأنه عاد بالفعل لثلاث ساعات وأنا أصغي إلى فوج جديد من الذين يختارون هذه المهنة كل عام، غير آبهين بالتساؤلات والشكوك التي تحيط بمستقبلها، ورقاً أولاً، ثم أثيراً، ثم لا يعلم إلا الله كيف ستكون العلاقة بين الصحافة ووسائلها ووسطائها.
وكنتُ أعتقد أن أكثرية الطلاب اختاروا الحقل الضوئي على الحقل الورقي، ففوجئت بأنه العكس.
وسُئلت عن مدى الرقابة الذاتية التي يمارسها الكاتب في الصحيفة، فقلت إنها رقابة أخلاقية بالدرجة الأولى. فالكاتب ليس صاحب الجريدة، وبالتالي، هو ضيف عليها مهما طالت سنوات العمل. ولكل صحيفة إطار عام تتحرك ضمنه، ويحدد طبيعة هذا التحرك القارئ لأنه من دونه لا مكان للاستمرارية، ناهيك بالنجاح.
أدارت الحوار الدكتورة إيفانا مرشيليان، التي ترى أن الثقافة والأدب في الكتابة السياسية يحصنانها ضد الملل والتكرار. وأعربت عن أسف عميق لأنه لم يعد في الصحافة اللبنانية «صفحة ثقافية»، بعد غياب صحيفة «السفير» و«الصفحة الثقافية» في «النهار». وكان تعليقي أن السبب الأهم هو تراجع الحركة الثقافية نفسها في البلد. فالمناخ الأدبي لا يقارن بما كان عليه من كثافة وألق في العقود الماضية؛ إنها من جديد مسألة العربة أمام الحصان.
ولاحظ الطلاب أن جزءاً كبيراً من حياتي المهنية قام على الأسفار، فماذا لو لم تصح لهم الفرص نفسها؟ وكان الجواب أن الكتاب بديل للسفر، لكن السفر ليس بديلاً للكتاب، أما الجمع بينهما فقاعدة ذهبية من قواعد المهنة. وقلت إن القانون الذهبي في المهنة هو العمل، والذي سوف يتميز بينكم غداً هو الأكثر احتراماً لاسمه.
وكررت أمام هذه الوجوه الشابة أن هذه مهنة جميلة، وسيعة الآفاق، متعددة الحقول، فحاولوا ألا يأسركم عند أو تجمد. جميعنا بشر وضعفاء ولنا مشاعر، لكن الاستقلالية في هذه المهنة غنى. دعوا القتال لسواكم. وفي نهاية الحوار، سأل الطلاب ماذا أسمي اللقاء؟ فتأملت نضارة الوجوه، وقلت: «لقاء بين الأمس والغد».