رانيا القرعاوي من الرياض

أكد لـ"الاقتصادية" نادر محمد؛ المدير الإقليمي للبنك الدولي في دول الخليج، أن المملكة بدأت في تجاوز التباطؤ الاقتصادي هذا العام، متوقعا أن تحقق السعودية أداء أفضل العام المقبل.
وأضاف محمد على هامش مؤتمر صحافي عقد في مقر الأمم المتحدة في الرياض أمس لمناقشة تقرير ممارسة الأعمال 2018، أن البنك يقوم بإجراءات فنية مع وزارة التجارة والاستثمار لمراجعة قانون الإفلاس، مرجحا في حال صدور القانون أن تتقدم المملكة مراتب أكثر في مؤشرات الاقتصاد وبيئة الأعمال.

وأشار إلى أن البنك يقدم نصائح لدول الخليج كافة لتحقيق النمو الاقتصادي والتقدم بمؤشرات التنمية، كما أن البنك سيصدر الشهر المقبل تقريرا عن الأداء الاقتصادي لدول الخليج.
وقال خلال المؤتمر، إن "البنك الدولي يصف "رؤية 2030" من أكثر الرؤى نجاحا وطموحا وأهمية، ونتعاون مع الوزارات والجهات المعنية لمساعدتهم في تنفيذ الرؤى الطموحة التي تحتوي على إصلاحات اجتماعية واقتصادية نثمنها".

وأضاف أن ما تقوم به المملكة من محاربة الفساد يؤدي إلى حوكمة جيدة ومزيد من الشفافية، حيث إن الفساد يعد سرطان التنمية، مبينا أن البنك لديه استراتيجية جيدة في مكافحة الفساد لضمان وصول الموارد لمن يستحقها.
ووصف محمد الإصلاحات القائمة التي تهدف إلى تقليل الاعتماد على العوائد النفطية بالمهمة جداً، وهو ما يتطلب تحويل 5 في المائة، من شركة أرامكو للأسواق العالمية ودعم صندوق الاستثمارات العامة ليكون أكبر صندوق سيادي في العالم وهذا هو التحويل الأساس في اقتصاد المملكة الذي سيؤهلها لتحقيق عائدات كبيرة من الاستثمار.
وأشاد بالجهود التي تقوم بها وزارة التجارة والاستثمار، وصندوق الاستثمارات العامة في تحسين بيئة الاستثمار في المملكة وتطوير النظم والتشريعات ذات الصلة.
وذكر، أن التقدم القوي الذي حققته المملكة خلال سنة واحدة فقط دليل على التزام الحكومة نحو إصلاح مناخ الاستثمار في المملكة، مشيراً إلى أن الجهود المتناغمة والمنسقة بشكل جيد بين مختلف الجهات الحكومية ترسل مؤشراً قوياً للمستثمرين المهتمين بالاستثمار في المملكة.
وأوضح محمد أن مجموعة البنك الدولي سعداء بالأساس الذي قامت عليه الإصلاحات في المملكة، مؤكداً أن رؤية المملكة الطموحة تحتاج إلى تعاقب واستمرار الإصلاحات الاقتصادية أمام ما ستواجهه من صعوبات.
وأكد أن وزارة المالية ممثلة في وزير المالية قد أعلنت اعتماد برنامج تحقيق التوازن المالي "الميزانية متوازنة" الذي يهدف إلى تحقيق توازن في العائدات غير النفطية لعام 2020.
وفيما يخص دور مجموعة البنك الدولي في استعراض الرؤية المالية مع حكومة المملكة العربية السعودية، قال نادر محمد إن المجموعة تعمل حاليا مع وزارة العمل والتنمية الاجتماعية لوضع خطط تهدف إلى إدارة الإنفاق الحكومي بشكل أكثر فعالية ما سيجلب لها مزيدا من العائدات.
وأشار إلى أن المملكة تطمح أن تكون بحلول عام 2020 في المرتبة الـ20 في المؤشرات العالمية.
وأوصى المدير الإقليمي للبنك الدولي في دول الخليج بضرورة تجاوز التحديات وتحقيق مزيد من الإصلاحات التي يجب أن تركز عليها المملكة وهي إنشاء نظم وتشريعات للإفلاس والإعسار، ودعم المشاريع الجديدة، وتحسين التجارة عبر الحدود، مؤكداً أن الدور الذي تقوم به مجموعة البنك الدولي هو تقديم الاستشارة الفنية والمساعدة لرسم خطة الإصلاح عبر جلب واستقطاب الخبراء بين القارات.
وعن حماية ذوي الدخل المحدود جراء الإصلاحات الاقتصادية، أوضح محمد أن مجموعة البنك الدولي تعتقد أن برنامج "حساب المواطن" الذي تعمل المملكة على إطلاقه يحمي الطبقات محدودة الدخل من أي آثار للتحول الاقتصادي وخطط رفع الدعم.
وعن دور مجموعة البنك الدولي في الإصلاح الاقتصادي مع دول مجلس التعاون الخليجي ومدى استجابتهم للمجموعة وأيضاً أثر مقاطعة الدول الداعية لمكافحة الإرهاب لقطر وعلى اقتصادها الداخلي، أكد أن الصندوق يعمل مع جميع دول مجلس التعاون بشكل فعال وقد تم تحقيق عدد كبير من الإصلاحات منذ انتكاس أسعار النفط، وفيما يخص دولة قطر، فقد أكد أن مجموعة البنك الدولي تعمل على أساس الإصلاح الاقتصادي بعيداً عن الظروف السياسية بين الدول.
من جانبه، أشاد فريد بالحاج، رئيس مكتب رئيس البنك الدولي بالعلاقة بين السعودية ومجموعة البنك الدولي وتاريخها المتميز، مبدياً سعادته بإعادة التعاون القائم.
وأكد بالحاج أن السعودية تعد من أكبر المنظمين والداعمين لمؤتمر المانحين لليمن عبر منظمات الأمم المتحدة ولها دور قيادي بهدف إعمار اليمن في ظل الظروف المناسبة، مشيرًا إلى أن الدور الحالي للبنك قائم على أساس الإصلاح الصحي والاجتماعي.
ونفذت المملكة العربية السعودية عدداً قياسياً من الإصلاحات وذلك خلال العام الماضي في سعيها لتحسين مناخ الأعمال للمشاريع الصغيرة والمتوسطة.
جاء ذلك في أحدث تقرير صادر عن مجموعة البنك الدولي عن ممارسة الأعمال 2018.
وأوضح التقرير خلال المؤتمر الصحافي في مبنى الأمم المتحدة بالرياض، تحت عنوان: "الإصلاح لخلق فرص العمل" أن المملكة نفّذت ست إجراءات إصلاحية وهو العدد الأكبر من الإصلاحات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لهذا العام.
وبين التقرير أن تلك الإصلاحات شملت معظم المجالات التي يغطيها التقرير، وأدى ذلك إلى ارتفاع مركز المملكة في مؤشر المسافة إلى الحد الأعلى للأداء بـ2.93 نقطة وهو معدل أعلى بكثير من معدل الزيادة المتوسط البالغ 0.38 في الدول مرتفعة الدخل، كما حققت المملكة ثاني أفضل تحسن في مؤشر المسافة إلى الحد الأعلى للأداء بين الدول مرتفعة الدخل بعد بروناي دار السلام التي حققت معدل 5.77 موجب.
وفي سنته الـ15، يُشير تقرير ممارسة الأعمال إلى أن السعودية نفذت 30 إصلاحاً منذ عام 2003، حيث ركزّت معظم تلك الإصلاحات على مجال بدء الأعمال التجارية سبعة إصلاحات، يليها التسجيل العقاري بخمسة إصلاحات، والحصول على الائتمان أربعة إصلاحات، ونتيجة لذلك فقد أصبح اليوم متوسط الفترة اللازمة لبدء العمل التجاري 18 يوماً في الرياض مقارنة بمعدل 81.5 يوماً قبل 15 عاماً.
وفي لمحة عن الإصلاحات التي تم تنفيذها خلال العام الماضي، أفاد التقرير بأنه تم تبسيط إجراءات بدء الأعمال التجارية من خلال إدخال نظام إلكتروني يدمج بين حجز الاسم التجاري وتقديم النظام الأساس في إجراء واحد، كما تم تحسين نظام الدفع الإلكتروني حيث لم تعد هناك حاجة لسداد الرسوم شخصياً.
وفيما يتعلق بتسجيل العقارات، تم تحسين مستوى الكفاءة في نظام إدارة الأراضي من خلال تنفيذ منصة إلكترونية للتحقق من الملكية ومن وجود أي عوائق على العقار ومن خلال ترشيد إجراءات التسجيل العقاري، علاوة على ذلك جعلت المملكة العربية السعودية مسألة تسجيل العقارات أسهل وأبسط من خلال تحسين آليات حل النزاعات في نظام إدارة الأراضي، ونتيجة لذلك أصبح نقل الملكية يستغرق 1.5 يوم دون أي تكلفة.
كما تم تعزيز الحماية للمستثمرين الأقلية من خلال زيادة حقوق المساهمين ودورهم في القرارات الكبرى وإيضاح هياكل الملكية والسيطرة ووضع اشتراطات لزيادة الشفافية في الشركات وتنظيم مسألة الإفصاح عن التعاملات مع الأطراف ذات العلاقة.
إضافة إلى ذلك تم تبسيط إجراءات دفع الضرائب من خلال تحسين المنصة الإلكترونية لتعبئة النماذج ودفع الضرائب وأدى ذلك إلى تخفيض عدد الساعات اللازمة لدفع الضرائب من 67 ساعة إلى 47 ساعة.
وفيما يتعلق بالتجارة عبر الحدود، تم تقصير الوقت اللازم لإتمام عملية التصدير والاستيراد من خلال تخفيض عدد المستندات المطلوبة للتخليص الجمركي، الأمر الذي أدى إلى خفض الفترة الزمنية اللازمة بمعدل تسعة أيام بالنسبة لكل من الصادرات من 90 ساعة إلى 81 ساعة، والواردات من 131 ساعة إلى 122 ساعة، كما تم تبسيط إجراءات إنفاذ العقود من خلال إدخال نظام إلكتروني لإدارة القضايا للقضاة والمحامين.
وقالت ريتا رامالهو القائمة بأعمال مدير مجموعة المؤشرات العالمية للبنك الدولي وهي الجهة المصدرة للتقرير، إن الإصلاحات المنفذة خلال العام الماضي شاملة للغاية وتغطي ستة مجالات من بين عشرة مجالات، مرتبطة بأداء الأعمال يتم الاعتماد عليها في ترتيب الدول، مشيرةً إلى أن ذلك الزخم القوي إذا ما استمر خلال الأعوام المقبلة سيؤدي إلى إحداث تحول كبير في مناخ الأعمال في المملكة العربية السعودية.
ويُعد أداء السعودية جيداً في مجالات حماية المستثمرين الأقلية، حيث تحتل المرتبة العاشرة على مستوى العالم، وفي تسجيل الملكية المرتبة الـ24، وفي معالجة تراخيص البناء المرتبة الـ38، فعلى سبيل المثال، حصلت المملكة على درجة 7 من 10 درجات في مؤشر اللوائح المتعلقة بتعارض المصالح وهي درجة أعلى بكثير من المعدل المتوسط في المنطقة الذي يبلغ 4.9 نقطة، وأعلى كذلك من المتوسط السائد في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية عالية الدخل الذي يبلغ 6.4 نقطة، إضافة إلى ذلك فإن تسجيل العقار في الرياض يستغرق 1.5 يوم فقط مقارنة بمتوسط فترة 22 يوماً في اقتصادات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ذات الدخل المرتفع.
وأضاف التقرير أن المملكة لا تزال متأخرة في بعض المجالات مثل التجارة عبر الحدود، وحل مسألة الإعسار، فعلى سبيل المثال فيما يتعلق بالتجارة عبر الحدود يستغرق الالتزام بمتطلبات الحدود للواردات 228 ساعة مقارنة بتسع ساعات فقط في المتوسط في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ذات الدخل المرتفع.