أحمد الجميعـة

تجاوزت المملكة مرحلة ضبط النفس مع صواريخ الحوثي البالستية، ومحاولة استهداف أمنها واستقرارها، والمناطق المأهولة بالسكان فيها، وبدأت التحرك على صعيدين إعلامي وسياسي لإثبات ضلوع إيران في دعم وإمداد الحوثي لإطلاق تلك الصواريخ، وتمهيداً لحشد التأييد الدولي لتصعيد الموقف على الأرض، حيث كشفت الاتصالات الأخيرة لخادم الحرمين الشريفين مع الرئيس الأميركي ورئيسة وزراء بريطانيا عن ضرورة محاسبة إيران على تجاوزاتها الخطيرة، وهو مؤشر على أنها العدو الحقيقي للسلم والاستقرار في المنطقة.

ليس سهلاً على السعودية أن تقبل بصواريخ بالستية تستهدف عاصمتها، أو أي جزء من أراضيها، ورغم تصدي قوات الدفاع الجوي لأكثر من (83) صاروخاً موجهاً للمملكة، وقتل (11 ألف) عنصر حوثي حاولوا الاقتراب من حدودها، إلاّ أن استمرار التهديد بتلك الصواريخ يمثّل تصعيداً خطيراً ليس من طرف الحوثي المأجور، ولكن من قبل إيران التي تمده بتلك الصواريخ ليكون وكيلاً عنها في الحرب على السعودية.

الحوثي ليس سوى أداة إيرانية، ولا يملك مشروعاً سياسياً لتحقيق تطلعاته على حساب الشعب اليمني بكافة مكوناته، وكل محاولاته الفاشلة تجاه المملكة هي للهروب من واقعه، وتصدير أزمته الداخلية، وخلط الأوراق ليطمح في الجلوس على طاولة الحوار مجدداً، والتفاوض معه بعد مقتل الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح على أنه ممثل للشعب كما يتوهم.

كل صاروخ يرسله الحوثي يبعث معه رسالة بليدة أنه على قيد الحياة، ولا يدرك أن الرد في توقيته سيكتب له الموت والدمار عاجلاً غير آجل؛ لأن المعطيات على الأرض تجاوزته فعلاً، وبدأت طلائع الجيش والمقاومة اليمينة تحاصره مع كل اتجاه، وتبقى معركة صنعاء من الداخل ولن يكون هناك مدد عسكري سوى من اليمنيين الأحرار الذين سينتفضون حتماً لإنقاذ عروبتهم، وهو ما تعوّل عليه قوات التحالف وإن تأخر الوقت، ولكن على حساب ما هو أهم في تقليل الخسائر.

جماعة الحوثي تريد من صواريخها أن تحقق نصراً معنوياً قبل صافرة نهاية الحرب، حيث اكتشفت مؤخراً أن مقتل صالح على يديها لم يكن كافياً لتحقيق ما تريد، أو بالأصح وحّد اليمنيين ضد مشروعها، ووجودها، ومهما حاولت التنكيل والترهيب في الشعب هناك فلا يمكن أن تقتل المزيد لتبقى؛ لأنها باختصار جنت على نفسها، والشواهد وردود الفعل الشعبية كافية لإثبات ذلك.

السعودية لا تزال تراهن على اليمنيين أنفسهم للخلاص من الحوثي، وهي مهمة لم تعد أصعب مما مضى، وعليها وقوات التحالف أن تتفرغ لإيران ومشروعها عبر أدوات الدبلوماسية النافذة، وتحجيم تمددها في الدول العربية، وهي الأهم في مرحلة وجود الرئيس الأميركي ترمب وإستراتيجيته في مواجهة إيران.