خالد أحمد الطراح

حين يحضر شخص أمسية ثقافية يتفاعل عادة مع طبيعة الامسية بالفرح والتعبير عن كل ما يمكن ان يثري هذه الفعالية، من خلال النقاش أو الاطراء بابتسامة أو كلمة ايجابية، خصوصا اذا كان الهدف دعم الابداع، بينما ما حدث في ندوة «تحديات الاعلام» في شهر ديسمبر 2017 لنادي الابداع الاعلامي في جامعة الكويت كان مختلفا عن المتوقع، حيث اخذ الحوار منحى التوجيه بدلا من التشجيع!
كشفت الندوة الى حد كبير عن الفهم الكلاسيكي او النمطي للإعلام الذي يتطور اليوم بسرعة تسابق عجلة الزمن، بينما يظل البعض اسرى الماضي البعيد، وتحليل التحديات الاعلامية من وجهة نظر فردية تسيطر عليها تجارب شخصية، ليس من الضروري ان تكون جميعها مرجعا مهنيا للاقتداء بها.
في الستينات والسبعينات، لم يكن حينها تخصص الاعلام متشعبا كما هو اليوم، حيث اصبحت هناك تخصصات علمية كتخصصات في الاعلام الجديد، اي الإعلام الالكتروني وغيره من تخصصات حديثة، لكن ابواب المعرفة تظل مفتوحة امام من يبحث عن التطوير في مجالات الاعلام ككل من خلال القراءة وتثقيف الذات.
لا شك ان ثمة مفهوما مغلوطا لدى الجهات الحكومية لخريجي العلاقات العامة، حيث تتعامل هذه الجهات مع الخريجين في هذا المجال على انهم موظفون للاستقبال وحجز الفنادق وتذاكر السفر، بعكس الواقع العلمي والمهني للعلاقات العامة!
يلعب تخصص العلاقات العامة بالمفهوم العلمي دورا مهما في مساعدة الحكومات وأصحاب القرار على تحقيق تحولات ونقلات نوعية من مرحلة الى مرحلة اخرى، بهدف كسب الرأي العام وتحقيق فهم وتفهم للأهداف والتطلعات المنشودة، من خلال استخدام ادوات ونوافذ علمية، كالحملات الاعلامية والخطط في استطلاع اتجاهات الرأي العام من اجل تحديد حجم المعوقات والتحديات السلبية التي قد تقوض نجاح مشروعات اصلاحية وتحولات سياسية واقتصادية وثقافية ايجابية وما يتحتم عليه من تركيز ومعالجة مهنية، لذا برزت مبادرات في القطاع الخاص، خصوصا لدى الشباب في ترجمة ناجحة للإعلام الجديد والعلاقات العامة والتسويق للخطط والبرامج الحكومية التي تفتقر الى الخطط الاعلامية في التنفيذ وتجاهل الجمهور المستهدف وتحديد الشريحة الاجتماعية المؤيدة او المعارضة.
ولعب الاعلام بتخصصاته المختلفة ايضا في تكثيف الابتكار والإبداع في التسويق في القطاع الخاص بهدف تجديد قاعدة الجماهير بلغة تحاكي كل الفئات العمرية والجنسيات المختلفة، وشجع ايضا الشباب على كسر حواجز العمل في الشركات ووسائل الاعلام المحلية وكذلك الاجنبية.
بالمقابل، ما زال هناك من هو غير قادر على الخروج من الدائرة النمطية في التفكير لاستيعاب الجديد في المجال الاعلامي، ومن الامثلة التي يمكن الارتكان عليها هو تركيز البعض على البرامج الحوارية التي تسلط الضوء على المشاكل والظواهر الاجتماعية السلبية بشكل غير هادف، حيث يتم عرض وتحديد المشكلة من دون تقديم الحلول!
مثال آخر على تقوقع اسرى اعلام الماضي في عدم ادراك او الاعتراف بالعلوم الجديدة والبحث الأكاديمي وثقافة المعرفة، من خلال القراءة وتقييم الاعلامي الناجح من منظور ضيق شخصي وليس علميا ومهنيا.
دعم الابداع الاعلامي يتطلب التواضع في تصدير الخبرات واستيعاب لغة الحاضر من دون الغاء رغبات وهوايات الاخرين، خصوصا من الشباب، او توجيه النقد بأسلوب غير هادف وبناء، فليس كل اعلامي ينفع ان يكون وزيرا للإعلام!
تكسير المجاديف ليس دعما للإبداع ولا تعبيرا يمكن ان يستفيد منه الشباب.