لن أنصب نفسي مفتياً في مسألة دينية، ولكن من خلال ما تعلمته وسمعته من ثقات العلماء:

إنَّ الإسلام منهج واضح يحث على الاعتدال والوسطية، ويحرم أي صورة للقتل إلا في حالات حددتها الشريعة بالدليل من القرآن الكريم وبالحق فقط.

الإرهاب عكس الإسلام، والعلاقة بينهما علاقة عكسية؛ فالإرهاب لا دين له ولا ملة. هو جريمة بحق الإنسانية، ومرتكبه متجرد من كل الصفات الإنسانية والأخلاق السامية، ومخالف لمبادئ حفظ الحقوق التي كفلتها الشريعة الإسلامية والقوانين والأعراف الدولية ومبادئ حقوق الإنسان.

حرم الإسلام أي ممارسة إرهابية أو متطرفة أو عنيفة أو غدر أو اغتيال أو عملية انتحارية. كما وضع الإسلام شروطاً واضحة لمفهوم القتال، بخلاف القتل، وأوجد تعريفاً واضحاً للمقاتل الواجب قتاله وأسره، وهو تشريع رباني لا مجال للاجتهاد أو الاختيار فيه لأي شخص مهما كانت المبررات؛ فالإسلام يحرم ما يسمى بأن "الغاية تبرر الوسيلة".

الإرهاب آفة غدر وقتل في كل الظروف والأزمنة، ومزعزع للأمن والاستقرار، ومهدد للدول والمجتمعات وللأنظمة السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية والاجتماعية والسلم المدني.

صنف الإرهاب بعشرة أنواع هي: الإرهاب الفردي، إرهاب الدولة بما فيه استخدام أسلحة محرمة دولياً، الإرهاب الدولي، الإرهاب الثوري، الإرهاب المحلي، الإرهاب الانفصالي العرقي أو الطائفي، الإرهاب النفسي، الإرهاب الفكري، الإرهاب الانتحاري والإرهاب الفوضوي.

ويعمل الإرهابيون في جماعات منظمة أو كذئاب منفردة، ويشمل ذلك ما تقوم به بعض الدول بما يسمى بإرهاب الدولة.

ما حدث من قتل عمد في هجوم دهس بسوق ميلاد في مدينة ماغدبورغ (شرق ألمانيا) وتسبب في مقتل 5 أشخاص بينهم طفل عمره 9 سنوات وإصابة أكثر من 200 شخص آخرين، يعد جريمة مروعة أزهقت فيها أنفس بريئة بلا ذنب. هذا إرهاب محرم، ومرتكبه لا يملك ذمة وعديم الضمير.

مرتكب الحادثة، الذي اتضح أنه لاجئ ملحد هارب من العدالة في المملكة العربية السعودية، كان مشبعاً بالأفكار المتطرفة والإرهابية العنيفة، يدعى طالب عبدالمحسن، وهو طبيب نفسي منحرف الفكر والسلوك. وبغض النظر عن انتمائه الديني، فهو يصنف كإرهابي فار من العدالة، وسجله الشخصي لا يخلو من جرائم سلوكية وتحريضية ومجتمعية.

هذه الحادثة درس حضاري وتاريخي للغرب بصفة عامة وألمانيا بصفة خاصة، ذات المواقف المتشددة ضد المملكة العربية السعودية عند دفاعها عن الشعب اليمني والحكومة اليمنية الشرعية. قامت الحكومة الألمانية السابقة تحت قيادة المستشارة أنغيلا ميركل بتجميد توريد أسلحة للسعودية منذ عام 2015، وشددته في عام 2018، ومددت هذا القرار مرات عدَّة بسبب اتهاماتها الباطلة للسعودية بالتورط في حرب اليمن، حيث تقود السعودية تحالفاً عسكرياً يقاتل إلى جانب الحكومة الشرعية ضد المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران، وهو اتهام باطل حسب القوانين والأعراف الدولية. وفي بداية عام 2024، تراجعت ألمانيا عن موقفها الخاطئ وأعادت تصدير السلاح للسعودية.

إقرأ أيضاً: السلاح النووي: من هيروشيما إلى مرسوم بوتين

بسبب التعنت الألماني وعدم الاستجابة للتحذيرات الأمنية الصادرة من السعودية عن هذا الإرهابي، وقعت هذه الحادثة المؤسفة التي هزت العالم بصفة عامة وأوروبا وألمانيا بصفة خاصة. أثبتت الحادثة سلامة النهج السياسي وصحة الحس الأمني السعودي، وحسن نوايا المملكة تجاه العالم وألمانيا، بالرغم من مواقفها السلبية غير المبررة.

السياسة الألمانية تجاه المملكة سياسة متشددة غير مقنعة، ومتجاهلة المكانة العالمية والدور المؤثر الذي تحظى به السعودية، وجهودها لتحقيق السلام والاستقرار على مستوى العالم والشرق الأوسط.

إقرأ أيضاً: حلب وشتاء سوريا الساخن

أثبتت هذه الحادثة للعالم الريادة السعودية في مكافحة آفة الإرهاب الدولي والتنظيمات الإرهابية، التي هي صناعة استخباراتية يُستغل فيها المتطرفون فكرياً والمرضى نفسياً والمنحرفون سلوكياً وضعاف النفوس المغرر بهم لتحقيق أهداف غير مشروعة.

التشريعات والإجراءات السعودية القانونية والتنفيذية، والعمل الاستخباري والأمني والمعلوماتي السعودي، من أفضل الممارسات المميزة والناجحة ضد الإرهاب على مستوى العالم.

وهذا ما عجزت عنه ألمانيا فهل جنت على نفسها براقش؟